ذكر في تشخيص كيفية دلالتها على الطلب وجوه (منها) ما يظهر من كلمات القدماء من انها قد استعملت فى الطلب مجازا ولا يخفى ما فيه اذ نرى بالوجدان انه لا عناية في استعمالها حين دلالتها على الطلب وانه لا فرق بين نحو استعمالها حين الأخبار بها ونحو استعمالها حين افادة الطلب بها (ومنها) انه كثيرا ما يخبر العقلاء خصوصا أهل الفن منهم بوقوع بعض الأمور في المستقبل لعلمهم بتحقق مقتضيه اما للغفلة عن مانعة أو لعدم اعتنائهم به لندرة وجوده كما نشاهد ذلك جليا في اخبار المنجمين والمتطببين بحدوث بعض الحوادث أو عروض بعض الأحوال لبعض الاصحاء أو المرضى لاطلاعهم على تحقق اسباب تلك الأمور التي اخبروا بها وعليه يمكن أن يكون ما نحن بصدد بيان وجهه منطبقا على هذا الوجه بمعنى ان من له الأمر حيث يعلم ان من مقتضيات وقوع فعل المكلف فى الخارج وتحققه هو طلبه وارادته ذلك منه فاذا علم بارادته ذلك الفعل وطلبه من المكلف فقد علم بتحقق مقتضيه وصح منه ان يخبر بوقوع ذلك الفعل تعويلا على تحقق مقتضيه وبما ان سامع هذا الخبر يعلم ان المخبر ليس في صدد الاخبار بوقوع الفعل من المكلف فى المستقبل بل بداعي الكشف عن تحقق مقتضى وقوعه اعني به ارادة من له الأمر وطلبه منه يكشف ذلك الخبر بتلك الجملة عن تحقق ارادة المولى وطلبه لذلك الفعل من المكلف (وفيه اولا) ان اخبار المنجم والطبيب بوقوع بعض الحوادث أو الاحوال إنما يكون بداعي الكشف عن تحققه فى المستقبل اعتمادا منه على تحقق علته لا انه يخبر بذلك بداعي الكشف عن تحقق مقتضيه من باب الاخبار عن وجود أحد المتلازمين بالاخبار عن الآخر ليكون كناية ولا ريب في ان من يريد وقوع فعل ما من الأخر ويكشف عن ارادته بوقوعه منه فى المستقبل لا يخبر به بداعي الكشف عن وقوعه فى المستقبل بل بداعي الكشف عن ارادته ذلك الفعل منه وبذلك يكون الاخبار بالوقوع كناية عن طلب المخبر وارادته لوقوع الفعل من المخاطب وحينئذ لا يكون وقع للمقدمة التي قدمها ولا ربط لها بهذا الوجه (وثانيا) لو اغضينا عن ذلك لما صح الاخبار بوقوع الفعل لعلم المخبر بتحقق مقتضيه لان مقتضى الفعل هي ارادة المولى ذلك الفعل من المكلف وهي لا تكون مقتضيا لوقوعه وصدوره من المكلف وداعيا له اليه إلا في حال علمه بها