المأمور لطاعة الامر وعدمه وبما انه قد ينكشف له استعداده من حيث الطاعة بالشروع فى مقدمات العمل يكون العمل في مثل هذا المورد غير مراد له وفي مثله لا محالة نلتزم بعدم كون مثل هذا الامر امرا حقيقة بل هو انشاء كلام بصورة الامر إذ هو كما انه خال عن الارادة كذلك هو خال عن الطلب ايضا.
(واما الدليل الثاني) فلا يخفى ما فيه ايضا لان الاستدلال على مغايرة الارادة للطلب بتحققه دونها في موارد تكليف العصاة وإلّا لزم امتناع العصيان لاستحالة تخلف مراده تعالى عن ارادته انما نشأ من عدم تشخيص الارادة التشريعية عن الارادة التكوينية والالتزام بلوازم الارادة التكوينية فى موارد الارادة التشريعية التي هي عبارة عن ارادة الانسان صدور بعض الافعال عن غيره باختياره فيتسبب الى ذلك بجعل الداعي له اليه اعني به امره اياه بذلك الفعل فالارادة التي نلتزم بوجودها فى موارد الامر بشيء هو هذا السنخ من الارادة ومثلها لا يعقل ان يستتبع وجوده وجود المراد قهرا وإلّا لزم من فرض تحققه كذلك عدم تحققه بما هو مراد بتلك الارادة لان متعلقها هو صدور الفعل من الغير باختياره فصدوره قهرا لسبب الارادة يلزم منه عدم كون الصادر متعلقا للارادة التشريعية هذا خلف نعم الذى لا ينفك عن المراد هي الارادة التكوينية ونحن لا ندعي وجودها فى موارد التكليف مطلقا عاصيا كان المكلف أم مطيعا.
(واما الثالث) فان الوجدان الذي لا تشكيك فيه مع البرهان الذي يكون معارضه شبهة بالنسبة اليه يشهد ان بكذب دعوى القوم في الجبر وخلق الاعمال واي عاقل يشك بكونه مختارا في حركة يده حال الكتابة وكونه غير مختار فى حركتها حال الشلل او تشنج العصب والعضل وهذا الوجدان الذي يعضده البرهان يزداد الانسان ثقة به كلما تأمل فيه وراجع نفسه في اعماله فيما يريده ويشتهيه ولا ينبغي للعاقل ان يتأمل فى كذب الدليل الذي يعارض الوجدان او هل للبرهان اساس يتمركز عليه او دعام يستند اليه الا الوجدان في الوجدانيات فالبرهان الذي يعارض الوجدان انما يعارض نفسه ويهدم بمعوله اسه ولا يخفى أن شهادة لوجدان تغنى عن اقامة البرهان فى مقام ابطال شبهات القوم فى دعوى الجبر الذي هو اساس الدليل الثالث إلّا انه لا يأس بالاشارة الى الدليل الذي يدل على بطلان دعواهم في الجبر وتحريره