يتم بتمهيد (مقدمة) وهي أن عوارض الشيء على أقسام ثلاثة أحدها ما يعرض على الشيء وليس بلازم لوجوده ولا لماهيته كالبياض للجسم مثلا ثانيها ما يعرض الشيء ويكون لازما لماهيته ثالثها ما يعرض الشيء ويكون لازما لوجوده كالحرارة للنار اما القسم الاول فلا ريب فى أن جعل المعروض بمعنى ايجاده لا يستلزم جعل عارضه بل يحتاج العارض الى جعل مستقل واما القسمان الآخران فما هو قابل لتعلق الجعل به هو المعروض وهو المجعول بالذات واما لازم كل من القسمين المذكورين فيتحقق قهرا بجعل نفس ملزومه ومعروضه بلا حاجة الى جعل مستقل غير جعل ملزومه ومعروضه فالمعروض يتحقق بالارادة الأزلية المتعلقة به ولازمه لا يحتاج الى تعلق إرادة ازلية به بل إرادة معروضه تكفى في تحققه عن تعلق ارادة ازلية اخرى به (اذا عرفت ذلك) فاعلم ان اوصاف الانسان على قسمين (احدهما) انه يكون من عوارض وجوده وليس بلازم لوجوده او ماهيته كالعلم والضحك ونحوهما وقد عرفت في المقدمة ان هذا النحو من العوارض يحتاج الى جعل مستقل يتعلق به ولا يغني جعل معروضه عن جعله مثلا علم الانسان بكون العمل الكذائي ذا مصلحة يحتاج الى تعلق إرادة ازلية به توجده فى نفس الانسان ولا تكفي الارادة الازلية المتعلقة بوجود الانسان عن تعلق ارادة اخرى به (وثانيهما) ان يكون الوصف من لوازم وجوده كصفة الاختيار للانسان فانه من لوازم وجوده ولو في بعض مراتبه وقد عرفت ان هذا النحو من الاوصاف لا يحتاج فى تحققه الى جعل مستقل غير جعل معروضه فالانسان ولو في بعض مراتب وجوده مقهور بالاتصاف بصفة الاختيار ويكفي في تحقق صفة الاختيار للانسان تعلق الارادة الازلية بوجود نفس الانسان ولا ريب فى أن كل فعل صادر من الانسان بارادته له مباد كعلم بفائدته وكشوق اليه وقدرة عليه واختياره فى ان يفعله وان لا يفعله وارادته المحركة نحوه وعليه يكون للفعل الصادر من الانسان نسبتان احداهما اليه باعتبار تعلق اختياره به الذي هو من لوازم وجود الانسان المجعولة بجعله لا بجعل مستقل والاخرى الى الله تعالى باعتبار ايجاد العلم بفائدة ذلك الفعل فى نفس فاعله وايجاد قدرته عليه وشوقه اليه الى غير ذلك من المبادي التي ليست من لوازم وجود الانسان وليست مجعولة بجعله بل بجعل مستقل منه تعالى فحينئذ لا يكون الفعل الصادر من