مقصود القائلين بالمغايرة هو مغايرة الطلب الانشائي الذي ينصرف اليه لفظ الطلب مع الارادة الحقيقية التي ينصرف اليها لفظ الارادة وعليه يكون النزاع لفظيا هذا (ولا يخفى) ان حمل الطلب على الانشائي وان كان يوافق نظرهم على ما بينا آنفا من جواز تعلق الطلب بالمحال فان الطلب الانشائي فى حد ذاته ممكن وتعلقه بالمحال لا يخرجه عن امكانه ومن جواز تحقق الطلب الانشائي بلحاظ مصلحة قائمة فى نفسه وان لم تكن مصلحة في متعلقه فانه من افعال منشيه فكما يصح من العاقل ان يفعل فعلا بلحاظ مصلحة قائمة بنفس الفعل كذلك يصح منه ان ينشأ طلبا بلحاظ مصلحة قائمة فيه دون متعلقه (ولا يرد) على هذا الوجه ان الطلب الانشائي ليس موضوعا لحكم العقل بوجوب الإطاعة والاشاعرة لا يرون التكليف او الحكم الشرعي إلا نفس الطلب فيلزم على الوجه المذكور عدم حكم العقل بوجوب اطاعة الاحكام الشرعية لانها على هذا الوجه عبارة عن الطلب الانشائي الذى لا يستقل العقل بوجوب اطاعته (وذلك) لان الأشاعرة ملتزمون بذلك فانهم لا يقولون بوجوب الطاعة أو حرمة المعصية عقلا لعدم قولهم بالحسن والقبح العقليين (بل الذي يرد عليه) هو ان الأشاعرة حيث انهم يقولون بالكلام النفسي وانه هو مدلول الكلام اللفظي يرون ان الطلب المنشأ فى اللفظ يدل على صفة قائمة فى النفس هي غير الارادة فى قبال من ينفى الكلام النفسي ولا يرى صفة قائمة فى النفس غير صفاتها المعروفة لديهم من الارادة والعلم وغيرهما من الصفات النفسية واما ان الطلب الانشائي مغاير للارادة الحقيقية فهو من الامور البديهية والاشعري ليس فى صدد النزاع بهذا الامر البديهي ولا فائدة له فيه (والذي يدل) على ذلك هو استدلالهم على ثبوت الكلام النفسي بالاوامر الامتحانية المسلم عند الفريقين عدم تعلق الارادة الحقيقية بمتعلقاتها حيث زعموا ان تلك الاوامر تدل على معنى قائم فى النفس ليس بارادة لانتفائها وجدانا ولا بعلم ولا تمنى ولا ترجى ولا غيرها من الصفاة القائمة في النفس وليس هو إلا الطلب الذي يقولون بمغايرته للارادة الحقيقية ليس هو الطلب الانشائي الذي هو من سنخ الكلام اللفظي بل هو الامر القائم في النفس الذي يزعمون انه الكلام النفسي.
(ومنها) ما عن بعض الاعاظم (قده) من أن الطلب عبارة عن هيجان