فى ان متعلق التجوز والعناية في هذا الكلام اي شيء هو فهل هو الاسناد كما هو المشهور او هيئة الكلمة كهيئة المشتق الدالة على النسبة الناقصة التي يشتمل عليها المشتق او هو المسند اليه اقوال (والأظهر) هو الاخير بمعنى ان المتكلم يدعى ان النهر فرد من افراد الماء لشدة ملابسته إياه واشار الى هذا الادعاء باسناد ما هو من اعراض الماء وخواصه اعنى به الجريان وعليه يكون ما يسمى بالمجاز فى الاسناد استعارة بالكناية مثل قوله (واذا المنية انشبت اظفارها) ـ فان المتكلم لما شبه المنية بالسبع اسند اليها ما هو من خواص السبع اعنى به الاظفار اشعارا بذلك التشبيه او الادعاء واشارة اليه (وذهب) الى الاحتمال الثاني صاحب الفصول (قده) ولذا اشترط في استعمال المشتق على نحو الحقيقة جريه على ما هو له وحمله عليه ، وقد اورد عليه بان جرى المشتق على غير ما هو له واسناده اليه انما يستلزم المجاز في الاسناد لا في الكلمة (وقد يوجه) مدعى صاحب الفصول بان المجاز فى الاسناد يستلزم المجاز فى هيئة المشتق لا في مادته بتقريب ان المشتق مشتمل على نسبة ناقصة هي مدلول هيئته وهي نتيجة النسبة التامة التي تكون مؤدى القضية فى مثل قولك قام زيد فهو قائم واذا حصل التجوز في النسبة التامة فى مثل قولنا جرى النهر سرى ذلك التجوز الى النسبة الناقصة المتفرعة على تلك النسبة التامة فصار مدلول هيئة جار معنى مجازيا هذا (ولا يخفى ما فيه) لما عرفت سابقا من ان النسبة التى تكون مدلول هيئة المشتق نسبة تقييدية كلية لكلية طرفيها فهي حينئذ لا تكون نتيجة النسبة التامة التي تشتمل عليها القضية لكون النسبة التامة المذكورة نسبة شخصية جزئية بل نتيجة هذه النسبة التامة الجزئية هي نسبة تقييدية جزئية لم يوضع للدلالة عليها لفظ وانما تستفاد من فحوى القضية المشتملة على النسبة التامة الجزئية (فالتحقيق) ان المشتق بما له من المعنى الحقيقي يصح اجرائه على غير ما هو له اما للتصرف فى الموضوع كما هو المختار واما للتصرف في الاسناد بدون ان يستلزم ذلك تصرفا في الكلمة هذا تمام الكلام فى المقدمة التي جرت عادة اهل الفن على تقديمها قبل الشروع فى مقاصده وها نحن بعد ذاك نشرع فى المقاصد سائلين منه تعالى التسديد والتأييد