من انحاء الانتساب كما اشرنا الى ذلك ولا اشكال فى ان قيام المبدأ في الذات بهذا المعنى يختلف باختلاف ماهية المبدأ من حيث صدوره من فاعله فقد يكون المبدأ بماهيته يقتضي صدوره من فاعله حلوله فيه كالقيام والفرح وقد يكون المبدأ يقتضي صدوره من فاعله حلوله بغيره كالضرب والايلام فالمراد من قيام المبدأ في الذات المصحح لانتزاع العنوان المشتق هو انتسابه اليها لا حلوله فيها كما هو منشأ التوهم المزبور (ثم انه قد يشكل الأمر) في المواد التي تكون الافعال المشتقة منها لازمة كالقيام والقعود والمرض والصحة ونحوها فان معاني هذه المواد سنخ طبيعة اذا تحققت في الخارج حلت في ذات فاعلها ومصدرها كما هو واضح في الامثلة المزبورة فتقول قام زيد مثلا فهو قائم وقعد فهو قاعد ومرض فهو مريض وصح فهو صحيح وهذا الشأن من شئون هذه الطبائع والاعراض الذاتية لها لا من الشئون الطارية عليها ومع هذا نجدها تتغير وتتحول عما كانت عليه بطبعها الى ضد ذلك فيما لو قصد تعدية الفعل المشتق منها بان جعل مزيدا فيه فقلت في مادة قام اقمته وفى مادة قعد اقعدته وكذا في مرض امرضته وفى فرح فرحته فهو مفرح ومفرح «ففي جميع هذه» المواد ونحوها نجد المبدأ الذي كان من شأنه الذاتي ان يقوم ويحل في ذات فاعله قد قام وحل فى ذات اخرى وتغير عما كان عليه من لزومه لذات فاعله وحلوله وقيامه فيها فهل ان المادة فى الافعال المزيد فيها قد استعملت فى معنى آخر غير المعنى الأول او ان تغير النسبة التي طرأت على المبدأ اوجبت تغيره عما كان عليه بطبعه اما كون المادة مستعملة فى غير ما كانت تستعمل فيه قبل التعدية بالزيادة فهو خلاف الظاهر بل يكاد يقطع الانسان ان مادة القيام والقعود فى قام وقعد هي نفس مادة اقام واقعد* ومعه* ينحصر الامر فى مقام التفصي عن هذا الاشكال فى تغير النسبة الطارية على المبدأ عند التعدية فيكون معنى اقعدته اوجدت فيه القعود وفرحته احدثت فيه الفرح وهكذا
«الامر الثالث» لا ريب فى ان مبدأ المشتق كما يجوز ان يسند وينسب الى ما هو له يجوز ان يسند الى غير ما هو له بنحو من انحاء العناية وهو المعبر عنه بالمجاز في الاسناد نحو قولك جرى النهر والنهر جار وجري النهر شديد الى غير ذلك من انحاء النسب والمشتقات وذلك لا كلام في صحته ووقوعه كثيرا (انما الكلام)