العقلاء في العلوم والفنون التي يخترعونها ويدونونها والصناعات التي يزاولونها فانهم ينقلون أو يرتجلون بعض الالفاظ لتفهيم مقاصدهم الخاصة بفنونهم وصناعاتهم ومحاوراتهم بحيث لا يحتاجون في مقام تفهيم تلك المعاني الى ازيد من النطق بتلك الالفاظ المصطلح بها على تلك المعاني وهكذا يكون ديدن كل من يتبعهم في طريقتهم ولا يعامل أحد هذه الاصطلاحات معاملة المشتركات في لزوم ضم القرينة (وعليه) لا يلتفت الى تشكيك من يدعى ان غرض الناقل في النقل والوضع الجديد لا يزيد على غرض الواضع الاول فكما ان غرضه من وضع المشتركات لا يزيد على توسعة طريق تفهيم المعاني في مقام المحاورات ولو بضم القرينة كذلك غرض الناقل فهو بنقله فضلا عن ارتجاله يوسع طرق الافادة وتفهيم المعاني التي يحاول اظهارها ولو مع القرينة «وذلك» لان ما ذكره قياس مع الفارق فان غرض الواضع الاول من وضع المشتركات هي توسعة طرق تفهيم المعاني مطلقا لا معنى دون معنى وغرض الناقل من النقل هو تفهيم خصوص المعنى الذي يهمه اظهاره وتفهيمه ومعه لا بد ان يكون الامر كما ذكرنا فتدبر.
(الامر الثالث) لو بنينا على عدم الحقيقة الشرعية في اول ازمنة التشريع لما وسعنا ان نستمر على هذا البناء في باقي الازمنة خصوصا في زمان الأئمة الصادقين عليهمالسلام وحينئذ كلما احرزنا تقدم الاستعمال على ثبوت الحقيقة الشرعية او تأخره عنها لزمنا العمل على طبق القواعد المقررة لكل من حالي التقدم والتأخر واما اذا شككنا بالتقدم والتأخر فيلزم الرجوع الى القواعد المقررة في حال الشك وقد تقدم تفصيل القول فيها (ثم انه) لا شبهة في امكان تحقق الوضع بنفس الاستعمال بل هو الواقع غالبا «وتوهم» عدم معقوليته لاستلزامه اجتماع اللحاظين الآلي والاستقلالي في ملحوظ واحد باطل لما تقدم من الجواب عنه مفصلا في احكام الوضع فراجع.
«اذا عرفت هذه الامور» نقول الحق هو ثبوت الحقيقة الشرعية بمعنى ثبوت الوضع التعيينى بنفس الاستعمال في لسان الشارع المقدس «وذلك» لما تقدم ايضا من ان ديدن العقلاء قد استقر على تسمية المعاني التي يخترعونها ويحدثونها ويزاولونها من الفنون والصناعات باسماء خاصة بها تكون هي الوسيلة التامة الى تفهيم