تلك المعاني باسماء خاصة من عنده فتكون حقائق شرعية نعم اذا أمضى التسمية ايضا خرجت عن موضوع البحث وكذلك الشأن في العبادات ايضا فلو فرض انها أو بعضها غير مخترعة له بل كانت امضائية كالمعاملات لجرى فيها من الكلام ما تقدم في المعاملات فعلى فرض الامضاء في المعنى والتسمية تخرج عن موضوع البحث ايضا (وبهذا يتضح لك) انه لا وجه لتقييد موضوع البحث في المقام بما اذا كان المعنى مخترعا للشارع حتى لو كان المعنى غير مخترع له بل كان مخترعا قبل تشريعه لخرج عن موضوع البحث لكون اسمه حينئذ حقيقة لغوية اذ قد عرفت انه لا ملازمة بين امضاء المعنى وامضاء التسمية.
(الأمر الثاني) تظهر ثمرة البحث بحمل الألفاظ على المعاني المدعى وضع الألفاظ المزبورة لها بناء على ثبوت الوضع وعدم حملها عليها بناء على عدمه (وقد يدعى) سقوط هذه الثمرة إذ نعلم أن الشارع لم يستعمل هذه الألفاظ في شريعته إلا في المعاني التي أدخلها فى الشريعة سواء كان استعماله بنحو المجاز أم بنحو الحقيقة أو ندعى انه لا يكاد نجد لفظا من هذه الألفاظ قد استعمله الشارع إلا ومعه قرينة توجب ظهوره فيما استعمله فيه (هذا) ولا يخفى ان هذه الدعوى على عهدة مدعيها إذ المدعى فى نفسه صحيح ولكن الكلام فى ثبوته فلمنعه مجال واسع.
(وقد يقال) ان ثمرة البحث ليس هو ما ذكرنا بل ثمرته هو حمل الألفاظ على معانيها الأصلية حيث لم يثبت وضع الشارع اياها ولم تصحبها قرينة توجب ظهورها فيما استعملت فيه والاجمال فى الخطاب فيما اذا ثبت الوضع لصيرورة الالفاظ المزبورة بالوضع الجديد مشتركة بين المعاني الاصلية والمعاني الاخرى (وقد يجاب) عنه بان هذا إنما يتم فيما اذا لم يكن غرض الواضع تفهيم المعنى بنفس اللفظ الموضوع بل كان غرضه من الوضع توسعة طرق التفهيم ولو بضم القرينة (واما) اذا كان غرضه تفهيم المعنى بنفس اللفظ الموضوع مجردا كما هو غرض كل ناقل فلا محالة يكون قصد الناقل بالوضع الثاني تفهيم المعنى المنقول اليه بنفس اللفظ المنقول لان ذلك هو غرضه من النقل وبالطبع يكون ديدنه فى مقام المحاورة هو اطلاق اللفظ المنقول وارادة المعنى المنقول اليه ويكون ذلك كالقرينة العامة الملازمة لنفس اللفظ على ارادة المعنى المنقول اليه وبذلك يرتفع الاجمال عن خطابه وهذا ديدن جميع