(فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ)(١) : يعنى أحبار اليهود والنصارى ؛ لأن جميعهم يشهدون أن الرسل من البشر.
ويؤخذ من هذه الآية وجوب سؤال الجاهل عما يحتاج إليه فى أمر دينه ، ولا يعذر بجهله. وفيها دليل على أن خبر التواتر يفيد العلم ؛ لأن المعنى : فاسألوا أهل الذّكر لتعلموا إن كنتم لا تعلمون ؛ فهو سؤال عمّا لم يعلم ليعلم. فإن كان المسئولون بالغين عدد التواتر فهو خبر تواتر ، وإلا فهو خبر واحد محصّل للعلم فى الوجهين.
(فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ)(٢) : الفاء للتسبيب ، وليس هو من باب ذكر اللازم ، وإنما هو من باب ذكر الشيء عقيب نقيضه ؛ لأن لازم كونه إلها واحدا التصديق لا الإنكار والكفر.
(فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ)(٣) : هذا كقوله لهم (٤) : «من تحتهم غواش ، (وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ). وهل السقف إلا فوقهم. وقد قدمنا سرّ التعبير من فوقهم فيما نقلناه عن ابن عطية.
(فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ)(٥) : حال (٦) مقدرة. وجهنّم الطبقة الأولى من النار.
فإن قلت : كيف قال هنا : ادخلوا أبواب جهنم ، مع أنها مأوى العصاة من هذه الأمّة؟
__________________
(١) النحل : ٤٣
(٢) النحل : ٢٢
(٣) النحل : ٢٦
(٤) الذى فى سورة الأعراف ، آية ٤١ : لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش ، وكذلك نجزى الظالمين.
(٥) النحل : ٢٩
(٦) فى القرطبى (١٠ ـ ٩٩) : أى يقال لهم ذلك عند الموت.