والجواب أنّ دخولهم فيها ليس على جهة الاستقرار ؛ وإنما هو على جهة الدخول لما تحتها ؛ لأن النصارى قيل فى الثانية ، واليهود فى الثالثة.
وردّ هذا بأنّ الرسل مهما كثرت كانت عقوبة مكذبيها أشدّ ، وقوم موسى كفروا بموسى فقط ، والنصارى كفروا بعيسى وهو بعد موسى فعذابهم أشد ؛ لأنه سبقه من الأنبياء كثيرون دعوا إلى مثل ما دعا هو قومه.
(فَتَمَتَّعُوا)(١) : أى فى الدنيا. وهذا على وجه التهديد لمن عقل.
(فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ)(٢) : فسره الزمخشرى بوجوه (٣) : منها أنّ الضمير راجع لكفار قريش ، وأنه زيّن لآبائهم أعمالهم فهو ولى هؤلاء ؛ لأنهم منهم ؛ فعلى هذا يكون الألف واللام فى اليوم لتعريف الحضور ، وعلى الوجوه الأخر التى ذكر هو وغيره تكون إما لتعريف الماهية ، أو لتعريف العهد.
(فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ)(٤) : الفاء للتعقيب ، وخصوصا فى مكة ؛ لحرارة أرضها كما قدمنا أنها تصبح أرضها خضراء بصبّ المطر أول الليل.
(فَرْثٍ وَدَمٍ)(٥) : قد قدمنا فيما نقلناه عن الزمخشرى (٦) أنّ الفرث ما فى الكرش من القذر ؛ وهذا من عجيب القدرة أن اللبن متوسط بين الفرث والدم ، ولا يغيّر ان له لونا ولا طعما ولا رائحة. قال أبو حيان : من بين فرث ودم حال من ضمير نسقيكم ؛ أى خارجا من بين فرث ودم. وقيل متعلق بنسقيكم المقدر ؛ إذ لا يتعلق مجروران بفعل واحد. ويجوز هنا لاختلاف معناهما ؛ لأن من الأولى للتبعيض ، والثانية لابتداء الغاية.
__________________
(١) النحل : ٥٥
(٢) النحل : ٦٣
(٣) الكشاف : ١ ـ ٥٢٨
(٤) النحل : ٦٥
(٥) النحل : ٦٦
(٦) الكشاف : ١ ـ ٢٢٨