يتضمّن الآخر ما تضمّن الأول. وقال غيره : لو وقف على كلّهم لصلحت للاستثناء وصلحت على معنى المبالغة ، مع أن يكون [٢٢٩ ا] البعض لم يسجد ، وهذا كما يقول القائل : كلّ الناس يعرف هذا ، وهذا يزيد لأن المذكور أمر مشتهر ، فلما قال أجمعون رفع الاحتمال [بأن بعضهم لم يسجد ، واقتضى الكلام أن](١) جميعهم سجد.
وقال المبرد : لو وقف على «كلهم» لاحتمل أن يكون سجودهم فى مواطن كثيرة ، فلما قال أجمعون دل على أنهم سجدوا فى موطن واحد.
قال ابن عطية : واعترض على قول المبرد بأنه جعل قوله أجمعون حالا بمعنى مجتمعين ، ويلزمه على هذا أن يكون أجمعين ، هذا على أن يقرب من التنكير ؛ إذ هو معرفة لكونه يلزم اتباع المعارف ، والقراءة بالرفع تأبى قوله.
فإن قلت : ما فائدة إتيانه فى الحجر وفى ص بهذا اللفظ دون غيرهما.
فالجواب أنه لما بالغ فى السورتين (٢) فى الأمر بالسّجود ـ وهو قوله : " فقعوا له ساجدين" ـ فى السورتين بالغ فى الامتثال فيهما فقيل : " فسجد الملائكة كلهم أجمعون" ؛ لتقع التوفقة بين أولاها وأخراها.
(فَبِمَ تُبَشِّرُونَ)(٣) : هذا من قول إبراهيم عليهالسلام على وجه التعجب من ولادته فى كبره ، أو على وجه الاستبعاد لذلك ، حسبما قدمناه. وقرئ بتشديد النون وكسرها على إدغام نون الجمع فى نون الوقاية ؛ وبالكسر والتخفيف على حذف أحد النونين ، وبالفتح ـ وهو نون الجمع.
__________________
(١) ما بين القوسين غير واضح فى الأصول.
(٢) ص : ٢٣ ، وفى الحجر : ٣٠ ـ كما تقدم.
(٣) الحجر : ٥٤