والإشارة بأولئك وتكرارها للذين قالوا : (أَإِذا كُنَّا تُراباً) (١).
(فَاخْرُجْ مِنْها)(٢) : الضمير يعود على الجنة ، وإن لم يجر لها ذكر ، أو من السماء ، كما قال فى آية الأعراف (٣) : (فَاهْبِطْ مِنْها).
ويحتمل أن يعود الضمير على جملة الملائكة ، وعلى هذا فيكون إبليس من الملائكة ، وهو الظاهر من القرآن ، ومن كثير من الأحاديث ؛ وانتقده ابن عطية بأن الملائكة معصومون ؛ قاله الأصوليون. وحكى الطبرى عن ابن عباس أن الله خلق ملائكة فأمرهم بالسجود لآدم ، فأبوا فأرسل الله عليهم نارا فأحرقتهم. وردّ بثبوت العصمة للملائكة.
(فَبِما أَغْوَيْتَنِي)(٤) : قد قدمنا مرارا أنّ الإغواء هو الحمل على الوقوع فى المعاصى ، فلا يقدر على إغواء المخلصين بوجه ، لكن يزيّن لهم فقط ؛ لأن التزيين هو تحسين القبائح ، فالإغواء يستلزم الفعل ، والتزيين لا يستلزمه.
فإن قلت : ما الفرق بين قسمه فى الأعراف بالإغواء (٥). وفى ص : قال (٦) : (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ)؟
فالجواب أنه أقسم بالأول فى الفعل ، وفى الثانى بالصفة. قال بعضهم : فعادتهم يقولون : هذا مناقض لأصل الزمخشرى ؛ لأنه ينفى الصفات جملة ، يقول : إن الله سميع لا يسمع ، بصير لا يبصر ، عليم لا يعلم ، مريد لا بإرادة ، قادر لا بقدرة ؛ بل سميع لذاته ، بصير لذاته ، عالم لذاته.
(فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ)(٧) : هذا تأكيد بعد تأكيد ،
__________________
(١) الرعد : ٥
(٢) الحجر : ٣٤
(٣) الأعراف : ١٣
(٤) الأعراف : ١٦ ، وفى الحجر : قالَ رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي (٣٩)
(٥) الأعراف : ١٦
(٦) ص : ٨٢
(٧) الحجر : ٣٠