على القراءة بالعطف بالفاء المقتضية للتسبيب والتعقيب ، ولا يصح العطف بالفاء ؛ لأنّ السبب على ثلاثة أنواع : ظاهر ، وخفى ، ومتوسط. وإنما يحتاج إلى الفاء فى المتوسط والخفى ، وأما هنا فظاهر كونه سببا فيما بعده ، فلا يحتاج فى عطفه إلى ما يبيّن كونه سببا.
والآية عند بعض العلماء من باب القلب. والأصل فيها : وأولئك فى أعناقهم الأغلال ؛ لأن الأغلال محيطة بأعناقهم كإحاطة الظرف بالمظروف ، وأعناقهم هى المظروف. وقد قالوا : إن القلب لا يجوز إلا فى الضرائر أو فيما قلّ من الكلام ، وقد جعلوا منه (١) : (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ).
وفى الآية دليل على أنّ منكر البعث كافر ، واشتملت على اللفظ العام والإبهام ، ثم التفسير ؛ لأن قوله : وأولئك الأغلال فى أعناقهم ـ تفسير للعذاب النازل بهم. وهذا من باب ذكر المسبب عقب السبب ؛ لأنّ الكفر سبب فى غلّ الأعناق.
فإن قلت : هل هذا على التوزيع ، أو كلّ واحد فى عنقه أغلال؟
فالجواب أن آية الحاقّة (٢) تدل على التوزيع لكلّ واحد غلّ واحد ؛ أو تكون الأغلال فى رءوسهم ، وهو يقوم مقام سلاسل متعددة فى عنق كلّ واحد من سائرهم ، حتى لا يظهر منه شىء. وقيل : إن هذا مجاز فيكونون فى الدنيا ممنوعين من الإيمان ، كقوله تعالى (٣) : (إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ).
__________________
(١) القصص : ٧٦
(٢) آية الحاقة (٣٠) هى قوله تعالى : خذوه فغلوه.
(٣) يس : ٨