فإن قلت : أليست الحواسّ خمسة؟
قلت : الذى مشى عليه الفخر فى تفسير قوله تعالى (١) : (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ) ـ أن الحواسّ أربعة ، فجعل الذوق واللمس واحدا ، ألا ترى أن الشم لا تكليف فيه البتة ، ولا يتعلق به أمر ولا نهى ؛ ولما كان الاسم الشريف من أربعة أحرف دلّ على أن الحواس أربعة ؛ فالألف للسمع ، والحاء للبصر ، والميم للشم ، والدال للذوق.
ووقع للفخر فى سورة الحمد مناسبة اسمه صلى [٢٢٨ ب] الله عليه وسلم أحمد ومحمد من الحمد ؛ لأنه أول ما خلق الله العقل ، فكان أول ما نطق به الحمد ، وآخر ما نطق به الحمد ، وكان آخر الأنبياء محمد عليه الصلاة والسلام ؛ فناسب الاسم أن يكون من نوع المبدأ ، فاشتق له من الحمد اسمان : محمد وأحمد ، فأهل السماء هو أحدهم ، وأهل الأرض هو محمودهم.
(فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى يُوسُفَ)(٢) : هنا محذوفات يدلّ عليها الكلام ، وهى : فلما رحل يعقوب بأهله حين بلغه خبر يوسف ـ آوى إليه (٣) أبويه ؛ أى ضمّهما وتعانقا ؛ ورأى يعقوب أناسا كثيرا ، فقال : يا يوسف ، من هؤلاء؟ قال : يا أبت ، إن هؤلاء كلهم عبيدى ، وقد أعتقتهم كلّهم لرؤيتك.
فكذلكم أنتم يا أمة محمد ؛ يقول الله عزوجل : يا محمد ، يوسف أعتق عبيده برؤية أبيه ، وإنى أعتق برؤيتك جميع عصاة أمّتك.
(فأولئك الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولئِكَ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ)(٤) : هذه
__________________
(١) النور : ٢٤
(٢) يوسف : ٩٩
(٣) يوسف : ٩٩
(٤) الرعد : ٥ ، والآية من غير فاه ، وقد ذكرت فى الأصل بالفاء قبل أولئك. وقد ذكر بعد أنها قراءة.