قال تعالى (١) : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ). كما عفا عن يوسف للنظر إليها والمخاطبة لاجتنابه الدنوّ إليها ؛ لأنه كان فى بيتها.
(فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ)(٢) : هذا من كلام إخوة يوسف ، ومرادهم أنّ هذا الأمر صدر من ابن لأمّ لا منّا ؛ وقصدوا بذلك رفع المعرّة عن أنفسهم ورموا بها يوسف وشقيقه. واختلف فى السرقة التى رموا بها يوسف على ثلاثة أقوال :
الأول : أن عمّته ربّته فأراد والده أن يأخذه منها ، وكانت تحبّه ولا تصبر عنه ، فجعلت عليه منطقة لها ، ثم قالت : إنه أخذها منها ، فاستعبدته بذلك ، وبقى عندها إلى أن ماتت.
والثانى : أنه أخذ صنما لجدّه والد أمه فكسره.
والثالث : أنه كان يأخذ الطعام من دار أبيه ويعطيه للمساكين.
(فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ)(٣) : الضمير للجملة التى بعد ذلك وهى قوله (٤) : (أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً)(٥).
(فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ)(٦) ؛ أى تعرّفوا خبرهما. والتحسس طلب الشيء بالحواس الأربعة : السّمع ، والبصر ، والشّم ، والذّوق. وإنما لم يذكر الولد الثالث ؛ لأنه بقى هناك اختيارا منه ؛ لأن يوسف وأخاه كانا أحبّ إليه لصغرهما.
__________________
(١) النساء : ٣١
(٢) يوسف : ٧٧
(٣) يوسف : ٧٧
(٤) قالوا ذلك ليبرءوا من فعله لأنه ليس من أمهم.
(٥) فى القرطبى : أسر فى نفسه قولهم : إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل. وقيل إنه أسر فى نفسه قوله : أنتم شر مكانا ، ثم جهر فقال : والله أعلم بما تصغون.
(٦) يوسف : ٨٧