ومن غريب ما ورد فى ذلك ما أخرجه ابن جرير عن معاوية بن أبى سفيان أنه تلا هذه الآية : ((١) فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ ...) الآية ، وقال : إنها آخر آية نزلت من القرآن. قال ابن كثير : هذا آخر مشكل ، ولعله أراد أنه لم ينزل بعدها آية تنسخها ولا تغيّر حكمها ، بل هى مثبتة محكمة.
ولنختم هذا الكتاب بما ختم الله كتابه آمرا لنبيه بالاستعاذة من شرّ الحاسد الذى غلب عليه الجهل وطمّه ، وأعماه حبّ الرئاسة وصمه لحمله على الاعتراض علىّ ، وينسب ما يرى فيه من التكرار والنقص إلىّ. ولعمرى لو علم ما أنا فيه من شغل البال ، وتغيّر البلبال لا لتمس لى عذرا ، وصفح عما يرى فيه من التقصير سترا. لكن الواجب على من كان فى زمان يتلاعب به الجهال والصبيان ، والكامل عندهم مذموم داخل فى كفّة النقصان ، أن يلزم فيه السكوت ، ويصير حلسا من أحلاس البيوت ، ويردّ العلم إلى العمل ، ولا يتقاعس فى القعود مع أهل الكسل ، لكن أرقب ممن منّ علىّ بتلخيص هذا التفسير مع بعض زيادات شريفة ، ونوادر لطيفة ، أن يجعله نافعا ، ولا يذهب ضبعا (٢) لبعا ، وأن يعصمنا والناظر فيه ، ومن دعا لنا من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا بجاه سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما ما دامت أشهرا وجمعا.
__________________
(١) الكهف : ١١٠
(٢) ذهب به ضبعا لبعا ، أى باطلا (القاموس).