فإن قلت : قد صح أنّ آخر آية نزلت : ((١) يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ). وآخر سورة نزلت : براءة. وفى رواية : آخر آية نزلت : ((٢) وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ). وعاش صلىاللهعليهوسلم بعد نزول هذه الآية سبع ليال. وفى رواية سعيد بن المسيب أنّ أحدث القرآن عهدا بالعرش آية الدّين ؛ لأن الظاهر أنها نزلت دفعة واحدة كترتيبها فى فى المصحف ، ولأنها فى قصة واحدة ، فكيف يجمع بين هذه الأحاديث؟
والجواب : أن إخبار بعضهم بآية الربا بأنها ختام الآيات المنزلة فى الربا ، إذ هى معطوفة عليها والآخرية فى آخر النساء مقيّدة بما يتعلق بالمواريث بخلاف آية البقرة ، ويحتمل عكسه. والأول أرجح لما فى آية البقرة من الإشارة إلى معنى الوفاة المستلزمة لخاتمة النزول.
قال البيهقى : يجمع بين هذه الاختلافات إن صحّت الرواية أن كل واحد أجاب بما عنده.
وقال القاضى أبو بكر فى الانتصار : هذه الأقوال ليس فيها شىء مرفوع إلى النبى صلىاللهعليهوسلم ، وكلّ قاله عن الاجتهاد وغلبة الظن. ويحتمل أنّ كلا منهم أخبر عن آخر ما سمع من النبى صلىاللهعليهوسلم فى اليوم الذى مات فيه أو قبل مرضه بقليل ، وغيره سمع منه بعد ذلك ، وإن لم يسمعه. ويحتمل أيضا أن تنزل الآية التى هى آخر آية تلاها الرسول صلىاللهعليهوسلم مع آيات نزلت معها فيأمر برسم ما نزل معها بعد رسم تلك ، فيظن أنه آخر ما نزل فى الترتيب.
__________________
(١) النساء : ١٧٦
(٢) البقرة : ٧٨١