سكانها على كثرتهم ، ((١) تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ) ؛ أى كلّ واحدة على اختلاف عددها. (قُلْ (٢) لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ) ؛ إذ المراد نفى علم الغيب عن كلّ من هو فى واحدة ، واحدة من السموات.
وحيث أريد الجهة أتى بصيغة الإفراد ، نحو : ((٣) وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ). (أَأَمِنْتُمْ (٤) مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ) ؛ أى من فوقكم.
ومن ذلك الريح حيث ذكرت مجموعة ومفردة ، فحيث ذكرت فى سياق الرحمة جمعت ، أو فى سياق العذاب أفردت.
وأخرج ابن أبى حاتم وغيره عن أبىّ بن كعب ، قال : كلّ شىء فى القرآن من الرياح فهو رحمة ، وكلّ شىء فيه من الريح فهو عذاب.
ولهذا ورد فى الحديث : «اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا». وذكر فى حكمة ذلك أنّ رياح الرحمة مختلفة الصفات والمهبّات والمنافع ، وإذا هاجت منها ريح أثير لها من مقابلها ما يكسر سورتها ، فينشأ من بينهما ريح لطيفة تنفع الحيوان والنبات ، فكانت فى الرحمة رياحا ، وأما فى العذاب فإنها تأتى من وجه واحد ، ولا معارض لها ولا دافع.
وقد خرج عن هذه القاعدة قوله تعالى فى سورة يونس : ((٥) وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ) ؛ وذلك لوجهين : لفظى ، وهو المقابلة بقوله : ((٦) جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ). وربّ شىء يجوز فى المقابلة ، ولا يجوز استقلالا ؛ نحو : ((٧) وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ).
__________________
(١) الإسراء : ٤٤
(٢) النمل : ٦٥
(٣) الذاريات : ٢٢
(٤) الملك : ١٦
(٥) يونس : ٢٢
(٦) يونس : ٢٢
(٧) آل عمران : ٥٤