وقال ابن جنّى فى المحتسب : لا تجوز مراجعة اللفظ بعد انصرافه عنه إلى المعنى ، وأورد عليه قوله تعالى : ((١) وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً ..) إلى قوله : ((٢) حَتَّى إِذا جاءَنا) ، فقد راجع اللفظ بعد الانصراف عنه إلى المعنى.
وقال محمود بن حمزة فى كتاب العجائب : ذهب يعض النحويين إلى أنه لا يجوز الحمل على اللفظ بعد الحمل على المعنى ، وقد جاء فى القرآن بخلاف ذلك ، وهو قوله : ((٣) خالِدِينَ فِيها أَبَداً ، قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً).
وقال ابن خالويه فى كتاب «ليس» : القاعدة فى «من» ونحوه الرجوع من اللفظ إلى المعنى ، ومن الواحد إلى الجمع ، ومن المذكر إلى المؤنث ؛ نحو : ((٤) وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صالِحاً). و (مَنْ (٥) أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ ..) إلى قوله : (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) ، أجمع على هذا النحويون.
قال : وليس فى كلام العرب ولا فى شىء من العربية الرجوع من المعنى إلى إلى اللفظ ، إلا فى حرف واحد استخرجه ابن مجاهد ؛ وهو قوله تعالى : ((٦) وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ ...) الآية : وحّد فى (يُؤْمِنْ) و (يَعْمَلْ) و (يُدْخِلْهُ) ، وجمع فى قوله : ((٧) خالِدِينَ) ، ثم وحّد فى قوله : ((٨) أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً) ، فرجع بعد الجمع إلى التوحيد.
__________________
(١) الزخرف : ٣٦
(٢) الزخرف : ٣٨
(٣) الطلاق : ١١
(٤) الأحزاب : ٣١
(٥) البقرة : ١١٢
(٦) الطلاق : ١١
(٧) الطلاق : ١١
(٨) الطلاق : ١١