لا يعذّب ولده ، والحبيب لا يرضى بعذاب حبيبه ؛ ففيه تبكيت لهم ، وإشارة إلى أن من [أحبّه](١) يرفع درجته ، ولا يكون العبد محبوبا عند مولاه إلا بعد الإخلاص فى العبودية ، والقيام بحقوق الربوبية.
وأمّا من يدّعى المحبّة وهو عرىّ عنها فهو كاذب فى دعواه ، غير واصل لما يتمنّاه.
واعلم أن العبد مع الله على ثلاثة أوجه :
حال يكون للعبد عليه. وحال يكون لله على العبد. وحال يكون على رأس العبد شاء ذلك العبد أو أبى.
فأما الحال التى تكون للعبد على الله فهى حال الشدة والمحنة ، فللعبد على الله الأجر والعوض ؛ قال تعالى (٢) : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ).
وأما الحال التى تكون لله على العبد فهى حال النعمة والرخاء ، ولله على العبد الشكر والنعمة ؛ قال تعالى (٣) : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها). وقال (٤) : (ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ).
وأما الحال التى تكون على رأس العبد فهى حال القضاء والقدر ؛ قال تعالى (٥) : (قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللهُ لَنا).
وإذا علمت هذا فمراد الله منك فى حال النعمة ـ الشكر ، ويجازيك بالزيادة (٦) : (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ). وفى حال النقمة الصبر ، ويجازيك
__________________
(١) مكان ما بين القوسين كلمة غير مقروءة فى الأصلين.
(٢) التوبة : ١٢٠
(٣) إبراهيم : ٣٤
(٤) التكاثر : ٨
(٥) التوبة : ٥١
(٦) إبراهيم : ٧