ومذهبنا أنّ الأجسام متساوية فى الحد والحقيقة ، فلا فرق بين الشمس والشجرة ، فحجبت الشجرة بكثافتها وظلمتها نور الشمس ، وما ذاك إلا لتخصيص أوجبه الله تعالى. ولا بدّ لذلك من مخصّص ، ويستحيل تعدّده ، فدلّ ذلك على أنه واحد.
قال الزمخشرى : والسجود هنا الانقياد ، وجعله متناولا للعاقل وغيره ، لأنه قال : أى يرجع الظلال من جانب إلى جانب منقادة لله غير ممتنعة عليه فيها سخّرها له من التفيؤ (١) ، والأجرام فى نفسها صاغرة منقادة لأفعال الله فيها ، وهذا مما يردّ به على من قال : إن صيغة أفعل للقدر المشترك بين الوجوب والندب. ويقول : إن القدر المشترك لا وجود له فى كلام العرب ، مع أن الزمخشرى أثبته هنا ، واستعار هنا الأيمان والشمائل لأنهما فى الحقيقة للانسان.
((٢) يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ) : المعنى يريد وينظر هل يمسك الأنثى التى بشّر بها على هوان وذل ، أو يدفنها فى التراب حيّة ، وهى الموءودة المذكورة فى : ((٣) إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ).
((٤) يَجْحَدُونَ) : يعنى أن هؤلاء الكفار ينكرون نعم الله عليهم فى جعلهم أزواجا من أنفسهم زيادة فى لذّاتهم ، وجعل للأنثى ما للذكر من الشهوة ، ليكمل مرادهم ، ورزقهم من الطيبات ، فهل ينكر هذا إلا من طبع على قلبه ، لأنه يشاهدها.
__________________
(١) الكشاف : ١ ـ ٥٢٦
(٢) النحل : ٥٩
(٣) التكوير : ١
(٤) النحل : ٧١