الحال وما يليه إلى آخر حياتهم ؛ إذ ذاك هو الموجب أن تكون لهم الدار الآخرة خالصة من دون الناس كما زعموا ، فلما كان زعمهم هذا ناسبه نفى دعواهم وتكذيب زعمهم بحرف نص فى نفى ذلك ، وأنه لا يقع منهم التمنى فى حالهم ولا فيما بعده أبدا.
فإن قلت : إن قوله : (أَبَداً) قد أحرز هذا؟
قلت : تأكيد ذلك أبلغ ، فنفى بلا وأكّد بالتوكيد. فجاء على أعلى البلاغة.
(يَتْلُونَ (١) الْكِتابَ) ؛ أى يقرءونه ، والضمير عائد على اليهود والنصارى ، وهذا تقبيح لقولهم وذمّهم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولما جاء به ، مع تلاوتهم كتابهم.
(يَلْعَنُهُمُ (٢) اللَّاعِنُونَ) : قد قدمنا أنهم جميع من تقع منه اللعنة ، وإذا تلاعن اثنان ، وكان أحدهما غير مستحق للعن رجعت اللعنة على المستحق لها ، فإن لم يستحقها أحد منهما رجعت على اليهود.
(يَنْعِقُ)(٣) ؛ أى يصيح بالغنم فلا تدرى ما يقول لها إلا أنها تنزجر بالصوت ، وشبّه الله الكفار بالبهائم فى قلّة فهمهم وعدم استجابتهم لمن يدعوهم ، أو يكون تشبيها للكفار فى دعائهم وعبادتهم لأصنامهم بمن ينعق بما لا يسمع ؛ لأن الأصنام لا تسمع شيئا ؛ وفيه تفصيل قدمنا ذكره.
(يَطْهُرْنَ)(٤) : من الدم ، ويتطهّرن بالماء ، وقرى حتى يطهرن
__________________
(١) البقرة : ١١٣
(٢) البقرة : ١٥٩
(٣) البقرة : ١٧١
(٤) البقرة : ٢٢٢