عليه وسلم ، فالسين على هذا للمبالغة ، كالسين فى استعجب واستسخر ، وعلى كلّ قول فبغضهم واجب وقتلهم جائز لجحدهم ما عرفوا فى كتبهم ؛ ولذلك قال الله فيهم : (فَلَعْنَةُ (١) اللهِ عَلَى الْكافِرِينَ).
(يَتَمَنَّوْهُ (٢) أَبَداً) : الضمير يعود على الموت ، وذلك أنّ الله أمرهم أن يتمنّوا الموت إن كانوا صادقين فى قولهم على وجه التعجيز والتبكيت ؛ لأنّ من علم أنه من أهل الجنة اشتاق إليها ، ولو تمنّوه لماتوا من ساعتهم ؛ ولمّا علموا ذلك لم يتمنوه لذنوبهم ، لأنهم أرادوا الحياة الدنيوية.
فإن قلت : لم عبّر فى آية البقرة بلن بخلاف الجمعة (٣)؟
والجواب : أنه لما كان الشّرط فيها (٤) مستقبلا ، وهو قوله تعالى :
(وإِنْ (٥) كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللهِ خالِصَةً ...) الآية ـ جاء جوابه بأن التى تخلّص الفعل للاستقبال. ولما كان الشرط فى الجمعة حالا ، وهو قوله (٦) : (إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ) جاء جوابه بلا التى تدخل على الحال ، وقد تدخل على المستقبل.
فإن قلت : ما النافية أخصّ بالحال فهى أنسب؟
قلت : قد يفهم من «ما» نفى مجرد الحال دون ما يتصل به ، فقد يقول القائل : ما يقوم زيد ـ يريد ما يقوم اليوم ، ولا يريد أنه ما يقوم غدا ، وما صالحة لهذا المعنى ، وهم إنما أرادوا أنهم أولياء مستمرون على ذلك ، وأنّ تلك صفتهم على
__________________
(١) البقرة : ٨٩
(٢) البقرة : ٩٥
(٣) الجمعة (٧) : ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم.
(٤) أى فى البقرة : ٩٤
(٥) أى فى البقرة : ٩٤
(٦) الجمعة : ٦