الصبر لنا على عذابك ، وكيف يصبر الجسم الضعيف على العذاب المقيم ، فصبّرنا إن قضيت علينا ، واجعلنا كالإسرائيلى الذى عبدك سبعمائة سنة ، فأوحيت إلى نبىء ذلك الزمان : قل لعبدى فلان تعبّد ما شئت ، فأنت من أهل النار. فلما بلغه وحيك قال : مرحبا بحكم ربى! ثم قال : إلهى ، عبدتك ، وأنا لا أظنّ أنى لا أزن عندك قليلا ولا كثيرا ، فإذا أنا أصلح لنارك ، وعزّتك ما زادنى هذا إلا حبّا وتلهّفا فيك ؛ فأوحى الله إلى دانيال عليهالسلام : قل لعبدى المستحق لولائى بالصبر والرضا : رضيت عنى بأصعب حكم وقضاء ، وعزّتى وجلالى لو ملأت ذنوبك الأرض والسماء لغفرتها لك ، ولا أبالى. وأنت تعلم غربتى وذلّتى وشدة محنتى بذنوب اقترفتها وعظائم ارتكبتها ، وأنت تعلم أنه ليس لى من يتفقّدنى عند الموقف بين يديك غير رحمتك الواسعة التى أخبرتنا بها [٢٩٩ ا] ، فقيّض لى من يشفع عندك ، أقسم عليك بجاه نبيّك الكريم ، واسمك العظيم ، وعمدتنا على لسان نبيك أنه أعدّ شفاعته لكبائر أمته ، فأذن له فينا ، ولا تخيّبنا من فضلك العظيم وإحسانك العميم ، وأسألك أن تصلّى على نبيك الكريم ، وترضى عن أصحابه وذى الفضل والتكريم.
(يَسْتَفْتِحُونَ)(١) : يستنصرون على المشركين إذا قاتلوهم ؛ فالسّين على هذا للطلب ، يعنى أنهم كانوا يقولون : اللهم انصرنا بالنبىّ المبعوث فى آخر الزمان ؛ ويقولون لأعدائهم من المشركين : قد أظلّ زمان نبىّ يخرج نقاتلكم معه قتل عاد وإرم. وقيل يستفتحون أى يعرفون الناس بالنبى صلى الله
__________________
(١) البقرة : ٨٩