والعجب. وقيل : لا تبطلوا أعمالكم بأن تقطعوها قبل تمامها. وبهذه الآية استدل الفقهاء على وجوب إتمام النافلة ؛ وهو بعيد. وأبعد منه من قال لا تبطلوا حسناتكم بفعل السيئات ؛ وهذا مذهب معتزلىّ ؛ لأن السيئات لا تبطل الحسنات. والأول أظهر ؛ لقوله قبل ذلك فى الكفار والمنافقين : (وَسَيُحْبِطُ (١) أَعْمالَهُمْ) ، فكأنه قال : يأيها المؤمنون لا تبطلوا أعمالكم مثل هؤلاء الذين أحبط الله أعمالهم بكفرهم وصدّهم عن سبيل الله ، ومشاقّتهم للرسول.
(وَأُخْرى (٢) لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللهُ بِها) ، يعنى فتح مكة. وقيل بلاد فارس والروم. وقيل مغانم هوازن فى حنين. والمعنى لم تقدروا أنتم عليها قد أحاط الله بها ووهها لكم. وذكّرهم بالنعم ليشكروا عليها. وإعراب أخرى معطوف على (عجل (٣) لَكُمْ هذِهِ) أو مفعول بفعل مضمر تقديره أعطاكم أخرى ، أو مبتدأ.
(وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)(٤) : قد قدمنا أن الاستغفار يطلق على الصلاة ، والمراد هنا الاستغفار ؛ وهو طلب المغفرة للذنوب. وقد ذكرنا مرارا أنّ الله يقول فى هذا الوقت : هل من مستغفر؟ هل من داع؟ هل من تائب؟ ولمّا أكرم الله خمسة من الأنبياء بخمس : ليلة نودى موسى من الشجرة ، وليلة النجاة للوط ، (نَجَّيْناهُمْ (٥) بِسَحَرٍ) ، وليلة المغفرة ليعقوب ، (سَوْفَ (٦) أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي). وليلة المعرفة للخليل : (فَلَمَّا جَنَ (٧) عَلَيْهِ اللَّيْلُ) ، وليلة المؤانسة والمحبة : ليلة الإسراء : (سُبْحانَ (٨) الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ) ـ
__________________
(١) محمد : ٣٢
(٢) محمد : ٢١
(٣) محمد (٢٠) : فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ ...
(٤) الذاريات : ١٨
(٥) القمر : ٣٤
(٦) يوسف : ٩٨
(٧) الأنعام : ٧٦
(٨) الإسراء : ١