الأحقاف (١) ذكر الشرك وكانت فيمن كان على الإيمان ، وقد علم المؤمن رجوعه إلى ربّه ، لم يرد فيها ذكر ذلك.
(وَما (٢) يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الْكافِرُونَ) ؛ أى الجاحدون من كلّ أمة قد أمن سلفها فى القديم والحادث ، وأسند الجحد [٢٩٣ ب] فى هذه إلى الكافرين وفيما بعدها إلى الظالمين (٣) ، فقيل : ليعمّ لفظهما كلّ مكذب بمحمد عليه الصلاة والسلام ، ولكن عظم الإشارة بهما إلى كفّار قريش ، لأنهم الأهم.
فإن قلت : الظلم يصح إطلاقه على ما دون الكفر ، فلو ورد وسمهم أولا بالظلم ، ثم ثانيا بالكفر لكان أنسب؟
والجواب : أنّ الظلم وإن كان يطلق على الكفر وعلى ما دونه ؛ قال تعالى : (وَالْكافِرُونَ (٤) هُمُ الظَّالِمُونَ) فإنه إذا ذكر بعد الكفر وصف به من قد وصف بالكفر لفهم زيادة ترتكب على الكفر ؛ قال تعالى : (إِنَ (٥) الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ ...) الآية. وعلى هذا ورد فى القرآن ، فقد وضح ما وردت عليه هاتان الآيتان (٦) ، وليس من المشكل فى شىء.
(وَلَئِنْ (٧) سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) : الضمير فى الموضعين لأهل مكة والسؤال لإقامة الحجة على الكفار ، لأنهم أقرّوا بأنه سبحانه هو الخالق لهذه المخلوقات العظيمة كما قدمناه فى غير ما موضع ، ولذلك أنكر الله عليهم جحد عبادته
__________________
(١) الأحقاف : ١٧
(٢) العنكبوت : ٤٧
(٣) العنكبوت : ٤٩
(٤) البقرة : ٢٥٤
(٥) النساء : ١٦٨
(٦) فى ا : ما وردنا .. هاتين الآيتين ـ تحريف.
(٧) العنكبوت : ٦١