ففعلوا وصاروا عندهم أنتن من جيفة حمار ، فكيف أقدّس أمة هذه أفعالهم"! اللهم اعف عنّا بفضلك.
فإن قلت : ما وجه زيادة الزينة فى هذه الآية على آية الشّورى (١)؟
والجواب لتقدم ذكرها فى قوله تعالى (٢) : (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) ، فالتحمت الآية بتلك القصة ، ولم يرد فى سورة الشورى من أولها إلى آخرها ذكر حال دنيوى لأحد ، بل تضمّنت حقارة الدنيا ونزارة رزقها ، وأنه مقدور غير مبسوط ، وتلك حال الأكثر. وقيل فى الجواب غير هذا حذفناه لطوله.
(وَيَوْمَ (٣) يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) :قد قدمنا أنّ هذا النداء من الله تعالى قديم متعلق بالذات القديمة ، وإنما يسمعهم الله ذلك الخطاب من غير واسطة مبالغة فى توبيخهم وتعذيبهم ؛ ولذلك أدخل فيه همزة الاستفهام [٢٩٣ ا] ونسب الشّركاء تعالى إلى نفسه على زعمهم. والمجيبون بقولهم (٤) : (قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ) هو كل مقول داع إلى الكفر من الجن والإنس ، والنداء إنما وقع للتابعين والمتبوعين ، لكن لما كان السؤال مسكتا لهم مبهتا فكأنه لا تعلّق لجمهور الكفرة إلا بالمغوين لهم والرءوس والأعيان منهم ؛ فلذلك سارعوا إلى الجواب طمعا فى التبرى من متبعيهم ، وفى هذا الموطن صدر منهم الإقرار بربوبيته تعالى ، إذ هو موطن ظهور الحق وانكشافه.
__________________
(١) فى الشورى ، آية ٣٦ : فما أوتيتم من شىء فمتاع الحياة الدنيا.
(٢) القصص : ٧٩
(٣) القصص : ٦٢
(٤) القصص : ٦٣