(وَتَحْسَبُونَهُ (١) هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ). (وَغَرَّتْكُمُ (٢) الْأَمانِيُّ حَتَّى جاءَ أَمْرُ اللهِ وَغَرَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ). وقد أخبر الله عن نوح أنه قال (٣) : (وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ ، وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً).
وهذه كلها موجودة فينا ، وما خفى عن الخلق أكثر ، اللهم لا تؤاخذنا بذنوبنا.
((٤) وَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزِينَتُها) : هذا الضمير لكفار قريش ، لأنهم كانوا يفخرون بالأموال والأولاد على الضعفاء من المؤمنين ، ويسخرون منهم لقلّة ما أعطوا من الدنيا ، فأخبرهم الله أنّ ما أعطوا منها إنما هو متاع قليل وزينة وتفاخر يشغل بها كالصبى تعطيه أمّه خشاشة تشغله عنها ، ولو علم الله فيهم خيرا لتنبّهوا لمآلها ، لكن الله طمس بصائرهم ، وأكبّوا عليها ؛ وليس العجب منهم ، وإنما العجب منكم ، حضّ الله رسوله على الفرار منها ، والإعراض عنها ، فلم تزيدوا إلا طغيانا وكفرا ، ولو لم يقع الحضّ على الفرار منها لكان الواجب عدم الالتفات إليها لما نرى من سرعة تقلّبها ؛ يقول الله تعالى فى بعض الكتب المنزلة : " طلبت من خلقى الطاعة لى ، والزهادة فى أعدائى ، فلم يفعلوا ؛ ثم طلبت منهم إعانة الزهاد من أهل طاعتى فلم يفعلوا ، فقلت لهم : ارضوا عنهم فلم يفعلوا ، فقلت لهم : لا تمنعوهم منها إذا ، فمنعوهم. فقلت لهم : لا تدعوهم إلى ما لا يرضينى ، ولا تعادوهم عليها ، إن لم يتابعوكم ،
__________________
(١) النور : ١٥
(٢) الحديد : ١٤
(٣) نوح : ٧
(٤) القصص : ٦٠