فالجواب : أنه استعظم عرشها بالنظر إلى حالها وأمثالها ، وأنه وصفه بالعظم إغراء له عليها ؛ ووصفه له بأنه ثمانين ذراعا فى ثمانين ، وأنه مكلّل بأنواع الجواهر ، وأن قوائمه من ياقوت أحمر وأخضر ودرّ وزمرّد ؛ وغرابة ما فيه من البقاء ، وفى ذلك تقوية لعذره عن غيبته ، ورفع للعقاب عنه ، ولعظمه عندهم أراد سليمان أن يريهم قدرة الله ، وبعض ما خصّه به من العجائب على يده ، ويشهد بنبوءته.
((١) وَكانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) : يعنى الفساد العام فى كل ما فيه مضرة لأبناء جنسهم. وقيل : كانوا يقرضون الدنانير والدراهم. والمراد بالمدينة مدينة ثمود ؛ فانظر رحمة الله بعباده حيث لا يريد مضرّة أحد منهم ، وبعث الله إليهم صالحا ينهاهم عن الفساد ، فجرى لهم ما قدمناه.
(وَيَوْمَ (٢) يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّماواتِ ...) : قد قدمنا أنّ إسرافيل عليهالسلام ينفخ فيه ثلاث نفخات : نفخة الفزع وهو فى الحياة الدنيا وليس بالفزع الأكبر. ونفخة الصعق. ونفخة القيام من القبور.
وانظر كيف عبّر هنا بينفخ وفزع ، وهو أمر لم يقع بعد إشعارا بصحة وقوعه. وخصّت هذه السورة بالفزع موافقة لقوله تعالى : (وَهُمْ (٣) مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ). وخصّت سورة الزمر بالصعق موافقا لما قبله ؛ لان معناه : مات وقد تقدم قوله : إنك ميّت وإنهم ميّتون.
(وَهُمْ (٤) لا يَشْعُرُونَ) ؛ أى قوم فرعون لا يشعرون بأنّ إهلاكهم
__________________
(١) النمل : ٤٨
(٢) النمل : ٨٧
(٣) النمل : ٨٩
(٤) القصص : ٩ ، ١١