قصد به مجرّد الإخبار والإعلام به لرسوله صلىاللهعليهوسلم بما جرى فى قصة آدم عليهالسلام وابتداء خلقه ، وأمر الملائكة له بالسجود ، وما جرى من إباية إبليس عن السجود ، ثم ما أمر به آدم من سكنى الجنة والأكل منها ، ولم [٢٥٨ ا] يقصد غير التعريف بذلك من غير ترتيب زمانىّ أو تحديد غاية ، فناسبه الواو ؛ وليس موضع الفاء. وأما آية (١) الأعراف فمقصودها تعداد نعم الله تعالى على آدم وذرّيته ؛ ألا ترى ما تقدّمها من قوله تعالى : (وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ)(٢). وأمر الملائكة بالسجود لآدم ثم قوله مفردا لإبليس : (اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً)(٣) مفردا بذلك أمر آدم عليهالسلام بالهبوط متبعا بالتأنيس له ووصية الذرية فى قوله : (يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ)(٤) ؛ فناسب هذا القصد العطف بالفاء المحرزة معنى الترتيب ، والواو لا تقتضى ذلك ، وإنما بابها الجمع حيث لا يراد ترتيب ، وليس موضع شرط وجزاء ؛ فيكون ذلك مسوّغا لدخول الفاء ؛ وإنما ورد هاهنا لما ذكرته من قصد تجريد التفضيل المحصّل لتعديد النعم. ولما اختلف القصدان اختلفت العبارة فيهما.
(سَعى) يسعى : له ثلاثة معان : عمل عملا ؛ ومنه : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى)(٥). ومشى ؛ ومنه : (فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ)(٦). وأسرع فى مشيه ؛ ومنه : (وَجاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعى)(٧).
فإن قلت : ما وجه تقديم الرجل فى هذه الآية وتأخيره فى آية يس (٨)؟
__________________
(١) الأعراف : ١٩
(٢) الأعراف : ١١
(٣) الأعراف : ١٨
(٤) الأعراف : ٢٧
(٥) النجم : ٣٩
(٦) الجمعة : ٩
(٧) القصص : ٢٠
(٨) يس : (٢٠) : وجاء من أقصى المدينة رجل بسعى.