(فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)(١) : أىّ شىء يمتنع الكفار من الإيمان بما رؤيتهم هذه العبر.
(فَبَشِّرْهُمْ (٢) بِعَذابٍ أَلِيمٍ) : وضع البشارة موضع النذارة تهكّما بهم.
(فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ (٣)) : إن كانت هذه الآية فى أصحاب الأخدود فالفتنة هنا بمعنى الإحراق ، وإن كانت فى كفّار قريش فالفتنة بمعنى الفتنة والتعذيب. وهذا أظهر ، لقوله (٤) : (ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا) ؛ لأن أصحاب الأخدود لم يتوبوا ، بل ماتوا على كفرهم. وأما قريش فمنهم من أسلم وتاب. وفى الآية دليل على أن الكافر إذا أسلم يغفر له ما فعل فى حال كفره ، للحديث : الإسلام يجبّ ما قبله.
واختلف هل يكتب له ما فعل من الخير؟ الصحيح أنه يكتب له ؛ للحديث : أسلمت على ما أسلفت من الخير ، وقد ألّف بعضهم فيه تأليفا مفيدا.
((٥) فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ مِمَّ خُلِقَ) : حذف ألف ما لأنها استفهامية ، وجوابها : (خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ)(٦) ، واستفهم هنا عن ابتداء الخلقة ليعلم الإنسان من هو ، ومن أى شىء خلق ، كى لا يتكبر ، وكيف يتكبر من خلق من ماء نجس غمس فى دم نجس ، ولذلك قال بعضهم : ما يصنع بالكبر من خلق من نطفة مذرة (٧) وآخره جيفة قذرة ، وهو فيما بينها حامل عذرة!
(فَما لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلا ناصِرٍ)(٨) : قد قدمنا أنّ الضمير للإنسان ، وفيها التنبيه له على الرجوع إلى خالقه وناصره ، ولا يلتفت إلى غيره من والد وزوج وأخ وولد ؛ إذ كلّهم ينقطعون عنه ، ولا يحد إلا مولاه لذى ينصره حيّا وميتا ،
__________________
(١) الانشقاق : ٢٠
(٢) الانشقاق : ٢٤
(٣) البروج ١٠
(٤) البروج ١٠
(٥) الطارق ٥
(٦) الطارق ٦
(٧) المذرة : القذرة (القاموس).
(٨) الطارق : ١٠