" فلينظر الإنسان إلى طعامه الذى يحيا به ويأكله ، من أى شىء كان"؟ ثم صار بعد حفظه ابن آدم (١) ، وهو الجسد [٢٤٤ ا] قال الحسن : ملك يميل رقبة ابن آدم حين يجلس. وقيل : فلينظر الإنسان إلى طعامه ويفكّر فيما هيّأه من سماء وأرض ، وماء وحرّ وبرد ونحوها ، وآلة عديدة ، وأسنان ؛ منها كاسرة وطاحنة ، بريق حلو لذوقه وسوغه ، وقوة هاضمة ، ودافعة ، وإذا استوى طعامه بحرارة كبده ونحوه أعطى الله تعالى لكل جزء وشعرة نصيبا.
(فَأَقْبَرَهُ)(٢) ؛ أى جعله ذا قبر ، يقال : قبرت الميت إذا دفنته ، وأقبرته إذا أمرت أن يدفن.
(فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ)(٣) : التنافس فى الشيء هو الرغبة فيه ، والمغالاة فى طلبه ، والتزاحم عليه ، وهذا كقوله (٤) : (لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ). فسبحان من جذب عباده إليه تارة بذكر نعيمه ، وتارة بالتخويف من عذابه ، وتارة بإحسانه إليهم لعلهم يرجعون إليه ؛ لم يكفه ما أعطاهم من رئاسة الدنيا ، وتسخير المخلوقات لهم حتى وعدهم بالملك العظيم ، والفوز المقيم ، والرضوان الجسيم ، ورؤيته تعالى أعظم من هذا كله.
(فَالْيَوْمَ (٥) الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ) : لما كان الكفار فى الدنيا يضحكون على المؤمنين قلب الله الحقائق ، فيضحك المؤمنون من الكفار حينئذ ويقولون لهم : هذا يومكم الذى كنتم توعدون. اصلوها اليوم بما كنتم تكفرون.
(فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ)(٦) ؛ هو الحمرة التى تبقى بعد غروب الشمس. وقال أبو حنيفة : هو البياض. وقيل : هو النهار كلّه والأول هو المعروف عند الفقهاء وأهل اللغة.
__________________
(١) هذا بالأصلين.
(٢) عبس : ٢١
(٣) المطففين : ٢٦
(٤) الصافات : ٦١
(٥) المطففين : ٣٤
(٦) الانشقاق : ١٦