وقيل : أراد علم الفلاسفة والدهريّين ، من بنى يونان ؛ وكانوا إذا سمعوا بوحى الله دفعوه وصغّروا علم الأنبياء إلى علمهم ؛ وعن سقراط أنه سمع بموسى عليهالسلام فقيل له : لو هاجرت إليه. فقال : نحن قوم مهذّبون ؛ فلا حاجة بنا إلى من يهذّبنا.
وقيل : فرحوا بما عند الرسل من العلم فرح ضحك منه واستهزاء به ، كأنه قال : استهزءوا بالبينات وبما جاءوا به من علم الوحى. ويدل عليه قوله (١) : (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) ؛ جزاء جهلهم واستهزائهم. وقيل : الضمير عائد على الأنبياء ؛ وفى هذا التأويل حذف ؛ وتقديره : فلمّا جاءتهم رسلهم بالبينات كذّبوهم ، ففرح الرسل بما عندهم من العلم والثقة به ، وبأنه سينصرهم.
و (حاقَ) معناه نزل بهم وثبت ؛ وهى مستعملة فى الشر. و (ما) فى قوله : (ما كانُوا) هو العذاب الذى كانوا يكذّبون به ويستهزءون بأمره. والضمير فى بهم عائد على الكفار بلا خلاف.
فإن قلت : ما معنى ترادف هذه الفاءات فى هذه الآيات؟
قلت : أما قوله (٢) : (فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ). فهو نتيجة قوله :
(كانُوا (٣) أَكْثَرَ مِنْهُمْ). وأما قوله (٤) : (فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا) ، فجار مجرى البيان والتفسير لقوله تعالى (٥) : (فَما أَغْنى عَنْهُمْ) ؛ كقولك : رزق زيد المال فمنع المعروف ، فلم يحسن إلى الفقراء. وأما قوله (٦) : (فَلَمَّا رَأَوْا
__________________
(١) الزمر : ٤٨
(٢) غافر : ٨٢
(٣) غافر : ٨٢
(٤) غافر : ٨٣
(٥) غافر : ٨٢
(٦) غافر : ٨٤