ولم تطلع عليه أحدا من خلقه ، أفتراه لا يقبلك ، وقد أخفى لك ما لا يخطر ببالك من قرّة أعين؟
فإن قلت : لم يقل فى هذه القصة كما قال قبل : إنّا كذلك نجزى المحسنين ؛ فيكون ذكره تفخيما لأمره؟
فالجواب أنه تقدم فى قصة إبراهيم نفسها : إنا كذلك ؛ فاستغنى عن إعادتها.
(فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ)(١) : عجّز قريشا بهذا الخطاب ؛ لأنهم ليس لهم كتاب يحتجّون به ، وكذلك (٢) : (فَاسْتَفْتِهِمْ) ؛ أى سلهم على وجه التقرير والتوبيخ عما زعموا من أن الملائكة بنات الله.
(فَإِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ. ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ)(٣) ؛ يعنى بما تعبدون من الأصنام وغيرها. وما تعبدون عطف على الضمير فى إنكم ؛ ويجوز أن تكون الواو بمعنى مع. ومعنى فاتنين مضلّين. والضمير فى عليه يعود على ما تعبدون ، وعلى سببية ؛ معناها التعليل. و (مَنْ)(٤) مفعول بفاتنين. والمعنى إنكم أيها الكفّار وكل ما تعبدونه لا تضلون أحدا إلا من قضى الله أنه يصلى الجحيم. وقال الزمخشرى (٥) : الضمير فى (عَلَيْهِ) يعود على الله تعالى.
(فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ)(٦) ؛ أى إلى حضور آجالهم. وقيل : حضور يوم القيامة. وقيل : حضور يوم بدر ، وهذه موادعة منسوخة بالقتال.
__________________
(١) الصافات : ١٥٧
(٢) الصافات : ١١
(٣) الصافات : ١٦١ ، ١٦٢
(٤) فى قوله تعالى فى الآية التى بعدها : إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ ـ آية ١٦٣ من السورة نفسها.
(٥) فى الكشاف : ٢ ـ ٢٧٢
(٦) الصافات : ١٧٤