إنى أتوب من جميع ما عصيت الله به ، فإياك والمخالفة ، فذلّله الله له ، وصار كأحسن ما كان ، كلّ ذلك من طاعة الله ، وعدم المخالفة.
ولما فدى الله إسماعيل من الذبح دعا بدعوات منها : اللهم اغفر لكل من وحّدك ، ومن أصابته محنة ـ فتذكّر محنتى ـ ففرّج عنه. وقال : يا رب ، حاجتى إليك أن تغفر لكل مؤمن ومؤمنة يذكرك فإنى أسألك كما بردت النار على خليلك إبراهيم ، وأنجيتنى من الذبح ، كذلك خلّص المؤمنين من النار.
فانظر ما أعظم حرمتك عند ربك يا مؤمن ؛ الملائكة والأنبياء وجميع المخلوقات يستغفرون لك ، ورسولك صلىاللهعليهوسلم يشفع فيك ؛ أفتراه يعذّبك بعد هذه الفضائل؟ بل يفديك من النار بيهودى أو نصرانى كما فدّى إسماعيل بالكبش الذى تقرّب به هابيل وربّاه فى الجنة لإسماعيل.
فإن قلت : لم وصف الفداء بالعظمة؟
فالجواب : لكيلا يدخل فى حدّ محدود ؛ إذ لو كان محدودا لوجب الافتداء به ؛ وكذلك سائر المسلمين. وكان فيه مشقة. وقيل : لأنه من عند الله. وانظر كيف وصفه بالعظمة ، مع أنه وصف نفسه وكتابه والأجر بالعظيم ، والفوز العظيم ، والعذاب العظيم ، والظلم شرك عظيم ، والبهتان ، وكيد النساء عظيم ، وزلزلة الساعة شىء عظيم ، والعرش العظيم ؛ وقال : " أن تميلوا ميلا عظيما". فقد افترى إثما عظيما ، وتحسبونه هيّنا وهو عند الله عظيم.
وقيل : إن الله أمر إبراهيم بتعليق قرن الفداء على الكعبة إشارة له أن علّق قلبك بعرشى ، ولا تلتفت لسوائى ؛ لأنى ربّ الكل.
وأنت يا محمدىّ إذا علقت قلبك بربك ، وأخفيت ما بينك وبينه ،