(فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ)(١) : وعد للنبى صلىاللهعليهوسلم ووعيد لهم.
فإن قلت : ما فائدة تكرير هذه الآية؟ ولم حذف [٢٣٧ ا] فى الثانية المفعول (٢)؟
فالجواب : من وجهين : أحدهما أنه اكتفى بذكره أولا عن ذكره ثانيا ، فحذفه اختصارا. والآخر أنه حذفه ليفيد العموم فيمن تقدم وغيرهم ، كأنه قال : أبصر جميع الكفار ، بخلاف الأول ، فإنه فى قريش خاصة.
(فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ)(٣) : الساحة : الفناء حول الدار ؛ والعرب تستعمل هذه اللفظة (٤) فيما يرد على الإنسان من محذور. وسوء الصباح مستعمل فى ورود الغارة والرزايا ؛ ومقصد الآية التهديد بعذاب يحل بهم بعد أن أنذروا فلم ينفعهم الإنذار ؛ وذلك تمثيل بقوم أنذرهم ناصح بأنّ جيشا يحلّ بهم ، فلم يقبلوا نصحه ، حتى فاجأهم الجيش فأهلكهم.
وفى صحيح البخارى أنه صلىاللهعليهوسلم صعد على الصّفا ، ونادى بأعلى صوته : يا صباحاه! ففزعت إليه قريش ، فقال : ما تقولون ، لو أنذرتكم خيلا تصبحكم أو مصدّقى أنتم؟ فقالوا : نعم. فقال لهم : إنى نذير لكم بين يدى عذاب شديد ؛ ثم أنذرهم عموما وخصوصا ، فقال له أبو لهب : تبّا لك! ألهذا جمعتنا ؛ فأنزل الله تعالى (٥) : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ).
(فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ)(٦) : هذا تعجيز لهم وتهكّم بهم. ومعنى يرتقوا
__________________
(١) الصافات : ١٧٩
(٢) الآية الأولى : وأبصرهم فسوف يبصرون : آية ١٧٥ والثانية : وأبصر فسوف يبصرون ، وهى هذه الآية.
(٣) الصافات : ١٧٧
(٤) يريد قوله : ساء صباح ...
(٥) اللهب : ١
(٦) ص : ١٠