من العلوم والأعمال الصالحات لما هو أرشد من خبر أصحاب الكهف وأقرب إلى الله. وقيل : إن الإشارة إلى المنسى (١) ؛ أى إذا نسيت شيئا فقل عسى أن يهدينى الله لشىء آخر هو أرشد من المنسىّ.
(عُقْدَةً (٢)) ؛ أى حبسة ، والمراد بها الرّتّة التى كانت فى لسان موسى من الجمرة التى جعلها فى فيه ، وهو صغير ، حين أراد فرعون أن يجربه. وإنما قال (عُقْدَةً) ـ بالتنكير ؛ لأنه طلب حلّ بعضها ليفقه قوله ؛ ولم يطلب الفصاحة الكاملة.
(عُجابٌ (٣)) وعجيب بمعنى واحد ؛ وهو قول الكفار الذين تعجّبوا من التوحيد ولم يتعجبوا من الكفر الذى لا وجه لصحته.
وروى أنّ المسلمين فرحوا بإسلام عمر ، وتغيّر المشركون لذلك ؛ فاجتمعوا ومشوا إلى أبى طالب وقالوا : أنت شيخنا وكبيرنا ، وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء منا ، وجئناك لتقضى بيننا وبين ابن أخيك ؛ فاستحضر أبو طالب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقال : يا بن أخى ، هؤلاء قومك يسألونك السؤال فلا تمل كلّ الميل على قومك. فقال صلىاللهعليهوسلم : «ما ذا تسألوننى؟» فقالوا : ارفض (٤) آلهتنا وارفضنا وندعك وإلهك. فقال صلىاللهعليهوسلم : أرأيتكم إن أعطيتكم ما سألتم أمعطىّ أنتم كلمة واحدة تملكون بها العرب ، وتدين لكم بها العجم»؟ قالوا : نعم وعشرا ؛ أى نعطيكها وعشر كلمات معها. فقال : «قولوا لا إله إلا الله». فقاموا ، وقالوا : أجعل الآلهة إلها واحدا! إن هذا لشىء عجاب ؛ أى بليغ فى العجب.
__________________
(١) فى الآية نفسها : واذكر ربك إذا نسيت.
(٢) طه : ٢٧
(٣) ص : ٥
(٤) رفض الشيء : تركه. (القاموس).