إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

معترك الأقران في إعجاز القرآن [ ج ٢ ]

معترك الأقران في إعجاز القرآن

معترك الأقران في إعجاز القرآن [ ج ٢ ]

تحمیل

معترك الأقران في إعجاز القرآن [ ج ٢ ]

651/688
*

وقيل فى آخره. وهذا أرجح ؛ لأنّ آخر الليل أفضله ، ولأنه أعقبه بقوله : والصبح إذا تنفّس ؛ أى استطار واتسع ضوؤه.

(عدلك (١)) ، بتشديد الدال : قوّم خلقك ، وبالتخفيف : صرفك إلى ما يشاء من الصورة فى الحسن والقبح ، والطول والقصر ، والذكورة والأنوثة ، وغير ذلك ، من اختلاف الصور.

وبالجملة فابن آدم من أكرم المخلوقات فى تعديل صورهم فى أيديهم ، والمشى على أرجلهم ، وانتصاب قامتهم ، وتركيب أجسادهم ، والعلم والعقل ، والأكل باليمين ، وستر العورة ، واللباس ؛ والرجال باللّحى ، والنساء بالذوائب.

فتأمّل يا ابن آدم فى هذه الكرامات التى أكرمك بها ، وأضافك بالكرامة إليه ، فى قوله (٢) : (ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ). وإلى رسوله فى قوله : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ). وإلى كلامه فى قوله : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ). وإلى مدخل رحمته (٣) : (وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً). وإلى تفصيل أعضائك من عظم ولحم ، ومخ وعصب ، وعروق ودم ، وجلد وظفر وشعر ؛ كل واحد منها لحكمة ، لولاها لم يكن الجسد بحسب العادة ؛ فالعظام منها هى عمود الجسد ، فضمّ بعضها إلى بعض بمفاصل وأقفال من العضلات والعصب ـ ربطت بها ، ولم يجعلها عظما واحدا ؛ لأنك ترجع مثل الحجر ، ومثل الخشبة ؛ لا تتحرك ، ولا تجلس ولا تقوم ، ولا تركع ولا تسجد لخالقك ، وجعل العصب على مقدار مخصوص ، ولو كان أقواها هو لم تصحّ عادة حركة الجسم ؛ ولا تصرّفه فى منافعه ؛ ثم خلق الله تعالى المخّ فى العظام فى غاية الرطوبة ، ليرطب يبس العظام وشدّتها ، ولتقوى العظام برطوبته ؛ ولو لا ذلك لضعفت قوّتها ، وانخرم نظام الجسم لضعفها بحسب مجرى

__________________

(١) الانفطار : ٧

(٢) الانفطار : ٦

(٣) النساء : ٣١