قائمة الکتاب
حرف العين المهملة
٦٢٥
إعدادات
معترك الأقران في إعجاز القرآن [ ج ٢ ]
معترك الأقران في إعجاز القرآن [ ج ٢ ]
المؤلف :جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :دار الفكر العربي
الصفحات :688
تحمیل
وقيل فى آخره. وهذا أرجح ؛ لأنّ آخر الليل أفضله ، ولأنه أعقبه بقوله : والصبح إذا تنفّس ؛ أى استطار واتسع ضوؤه.
(عدلك (١)) ، بتشديد الدال : قوّم خلقك ، وبالتخفيف : صرفك إلى ما يشاء من الصورة فى الحسن والقبح ، والطول والقصر ، والذكورة والأنوثة ، وغير ذلك ، من اختلاف الصور.
وبالجملة فابن آدم من أكرم المخلوقات فى تعديل صورهم فى أيديهم ، والمشى على أرجلهم ، وانتصاب قامتهم ، وتركيب أجسادهم ، والعلم والعقل ، والأكل باليمين ، وستر العورة ، واللباس ؛ والرجال باللّحى ، والنساء بالذوائب.
فتأمّل يا ابن آدم فى هذه الكرامات التى أكرمك بها ، وأضافك بالكرامة إليه ، فى قوله (٢) : (ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ). وإلى رسوله فى قوله : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ). وإلى كلامه فى قوله : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ). وإلى مدخل رحمته (٣) : (وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً). وإلى تفصيل أعضائك من عظم ولحم ، ومخ وعصب ، وعروق ودم ، وجلد وظفر وشعر ؛ كل واحد منها لحكمة ، لولاها لم يكن الجسد بحسب العادة ؛ فالعظام منها هى عمود الجسد ، فضمّ بعضها إلى بعض بمفاصل وأقفال من العضلات والعصب ـ ربطت بها ، ولم يجعلها عظما واحدا ؛ لأنك ترجع مثل الحجر ، ومثل الخشبة ؛ لا تتحرك ، ولا تجلس ولا تقوم ، ولا تركع ولا تسجد لخالقك ، وجعل العصب على مقدار مخصوص ، ولو كان أقواها هو لم تصحّ عادة حركة الجسم ؛ ولا تصرّفه فى منافعه ؛ ثم خلق الله تعالى المخّ فى العظام فى غاية الرطوبة ، ليرطب يبس العظام وشدّتها ، ولتقوى العظام برطوبته ؛ ولو لا ذلك لضعفت قوّتها ، وانخرم نظام الجسم لضعفها بحسب مجرى
__________________
(١) الانفطار : ٧
(٢) الانفطار : ٦
(٣) النساء : ٣١