يخدمه ويزكّيه ليكون شاهدا له على الحقيقة ؛ قال تعالى (١) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ).
(عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ (٢)) ؛ أى تقرن السموات والأرض بعضها إلى بعض ، كما تبسط الثياب ، فذلك عرض الجنة ، ولا يعلم طولها إلا الله ؛ لأنّ الله قال لها : امتدّى فامتدت ، ثم قال لها : امتدى فامتدت ، ثم قال لها : امتدى فامتدت ؛ قالت : إلى أين يا رب؟ قال : إلى منتهى رحمتى ؛ فقالت : لا منتهى لرحمتك. فقال لها : ولا منتهى لك.
وقيل : ليس العرض هنا خلاف الطول ؛ وإنما المعنى سعتها كسعة السموات والأرض.
فإن قلت : إذا كان عرضها هذا ، فما معنى ما ورد أنها فى السماء ؛ وقيل فى الأرض ؛ وقيل بالوقف حيث لا يعلمه إلا الله؟
والجواب أن الذى يجب اعتقاده ويفهم من القرآن والحديث أنّ الجنة فى عالم الجبروت ، وأن العرش سقفها ؛ كما صحّ فى الحديث : سلوا الله الفردوس ؛ فإنه أعلى الجنة ، وفوقه عرش الرحمن ، ومنه تفجّر أنهار الجنة. والآية الكريمة : ((٣) قُلْنَا اهْبِطُوا) تدلّ على أنها فوق السموات. وقد قدمنا أنّ العوالم أربعة : الملك ، وهو الدنيا وما فيها. والملكوت وهو السموات وما فيها. والجبروت وهو اللّوح والكرسى والقلم. والجنة وفوقها العرش الذى تأوى إليه أرواح الشهداء. وعالم العزّة لا يعلم ما فيه إلا الله ورسوله الذى زجّ فيه صلىاللهعليهوسلم ، وشاهد فيه من العجائب ما أخبر الله به فى قوله (٤) : (لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ
__________________
(١) التوبة : ١١٩
(٢) آل عمران : ١٣٣
(٣) البقرة : ٣٨
(٤) النجم : ١٨