الذى شكوت له؟ قال : قال لى (١) : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ...) الآية. فارتعدت فرائص الوزير ، ونزل من سرجه ، فقبّل يده ، وطلب منه العفو.
هذا شأن من عرفه ووله فى عظمته وتفكره فى كلامه ؛ بخلاف [٢٠٣ ا] ما نحن عليه من ظلم أنفسنا. ما أرى بصائرنا إلا عميت عن مشاهدة مشاهد القوم إذا أشخصت لنا الصفات منهم شخصا هرب ، كأننا ضدّان لا نجتمع.
اللهم أقل عثراتنا ، وارحم ضراعتنا ، ولا تؤاخذنا بأفعالنا ؛ لأنا علمنا أنك عفوّ تحبّ العفو ، فاعف عنا بجاه سيدنا ومولانا ومنقذنا من الهول العظيم صلى الله عليه وعلى آله أفضل صلاة وأزكى تسليم.
(صَفًّا (٢)) : ذكر فيه أبو عبيدة وجهين : الصف الذى يصلّى فيه ، كما قال بعضهم : ما استطعت أن آتى الصفّ اليوم. وصفوف الناس كما قال : (ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا). وأما قوله تعالى (٣) : (إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا) ، فقد قدمنا أنه ليس المراد به نفس التصافّ ؛ وإنما المقصود به الثبوت والجدّ فى القتال ، خلافا لمن قال : إن قتال الرجالة أفضل من قتال الفرسان ؛ لأن التراصّ فيه يمكن أكثر مما يمكن للفرسان. قال ابن عطية : وهذا ضعيف ، خفى على قائله مقصد الآية.
(صَفًّا صَفًّا (٤)) : مستوى من الأرض أملس لا نبات فيه.
(صَوافَ (٥)) : معناه قائمات قد صففن أيديهن وأرجلهن ؛ وهو منصوب
__________________
(١) إبراهيم : ٤٢
(٢) طه : ٦٤
(٣) الصف : ٤
(٤) الفجر : ٢٢
(٥) الحج : ٣٦