ترفع الواسطة بينى وبين حبيبى ، فقيل لها فى سرّ : إنه دعواك ، حيث قلت : إنه من عند الله.
كذلك امتحن يوسف بمحنة أبيه يعقوب ، فكان فى الأمر ما كان ؛ لأنه قال : لا تقصص رؤياك على إخوتك ؛ إذ عاقبه ؛ فلما قيل له : بلغت المحنة غايتها قال : إنما أشكو بثّى وحزنى إلى الله ؛ أى دعواك حين قلت : لا تقصص رؤياك على إخوتك.
كذلك النبى صلىاللهعليهوسلم لما سمع قول الكفار فى ربّه ضاق صدره ، فأنزل الله : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ). (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) ... الآية ، ولو قالوا ما قالوا من الجنون والسحر ، فأنا أجبت شانئك عنك بقولى : همّاز مشّاء بنميم ؛ أى شانئك هو الأبتر.
كذلك قصة مريم فى قولها : إنى نذرت للرحمن صوما ، قالوا : هذا أنكر وأعظم ؛ فإن من عرف ربّه كلّ لسانه ، فأشارت إليه ، فأجاب الله عنها على لسان ولدها.
كذلك المؤمن أمره الله تعالى بالسكون ، وترك الخصومة عمن ظلمه حتى يتولّى الجواب الملك الوهّاب ؛ قال تعالى (١) : (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ). وفى الحديث : إذا أراد الله أن يرفع درجة عبد فيّض الله له من يظلمه. وحكى أن وزيرا ظلم بعض الرعية فى أخذ جنان له طلب بيعه منه ، فأبى ؛ فقال له : إنى آخذه منك. فقال له : أشكوك إلى الملك. فقال له : إن بينى وبينه معرفة ، قال : أشكوك إلى ربك. فلما لقيه بعد مدة قال له : ما قال لك
__________________
(١) إبراهيم : ٤٢