فائدة
أخرج ابن أبى حاتم من طريق السدّى ، عن ابن عباس ، قال : لو [١٩٥ ا] أنّ إبراهيم حين دعا قال : اجعل أفئدة الناس تهوى إليهم لازدحمت عليه اليهود والنصارى ، ولكنه خص حين قال : أفئدة من الناس ، فجعل ذلك للمؤمنين.
وأخرج عن مجاهد ، قال : لو قال إبراهيم : فاجعل أفئدة الناس تهوى إليهم لزاحمتكم عليهم الروم وفارس ؛ وهذا صريح فى فهم الصحابة والتابعين التبعيض من «من». وقال بعضهم : حيث وقعت يغفر لكم فى خطاب المؤمنين لم تذكر معها من ، كقوله فى الأحزاب (١) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ). وفى الصف (٢) : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ ...) الآية. إلى قوله : يغفر لكم ذنوبكم. وقال فى الكفار فى سورة نوح : يغفر لكم من ذنوبكم ، وكذا فى سورة الأحقاف ؛ وما ذلك إلا للتفرقة بين الخطابين لئلا يسوّى بين الفريقين فى الوعد. ذكره فى الكشاف.
(مَنْ) بالفتح : لا تقع إلا اسما ؛ فترد موصولة كما قدمنا مرارا ، كقوله : ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته. وشرطية نحو : من يعمل سوءا يجز به. واستفهامية نحو : من بعثنا من مرقدنا. ونكرة موصوفة : ومن الناس من يقول ؛ أى فريقا يقول. وهى كما فى استوائها فى المذكر والمفرد وغيرهما.
والغالب استعمالها فى العاقل ، عكس ما. ونكتته أن «ما» أكثر وقوعا فى الكلام منها ، وما لا يعقل أكثر ممن يعقل ، فأعطوا ما كثرت
__________________
(١) الأحزاب : ٧٠
(٢) الصف : ١٠