ما لم تهتك حرمته ، فيغضب لله ؛ وكان حينئذ فى الصلاة فدعا عليهم لذلك. وأيضا فإنه علم صلىاللهعليهوسلم عدم إيمان المدعوّ عليه ، كما صح. وأما دعاؤه بالاستعانة عليهم بالجدب فللطمع فى إيمانهم ، كقوم يونس.
فتأمل يا محمّدى عناية الله فيك فى أزله ، فلا تجزع من البلايا والرزايا ، فإنما هى تطهيرات. ومقاساة البلية مقسومة على حسب الكرامة ، فكما أعد لك من النعيم المقيم ما لا عين رأت ابتلاك على حسب ما أعدّ لك. يقول تعالى : عبدى رفعت البلاء عن الملائكة فهم مخفّفون من الهموم ، ولا لهم همّ الرزق ، ولا شدة الجوع ، ولا ألم المرض ، ولا خوف العواقب ؛ لأن الجنة غير معدودة لهم.
وقد قدرت البلايا والمحن والشدائد والهموم ، وخوف زوال الإيمان عليك ؛ لأن الجنة معدودة لك ، والرؤية موعودة لأجلك ، ومقاساة البلية مقسومة على حسب القطيعة.
(مِنْ غَيْرِ سُوءٍ (١)) ؛ يعنى من غير برص ولا عاهة ؛ وذلك لحكم :
منها أنه لما أتعب يده حين لطم فرعون فى حال صباه أكرم الله يده بأن جعلها بيضاء. وكذلك الخليل أتعب يده بكسر الأصنام فأكرمه الله بإحياء الطيور على يديه. وكذلك النبى صلىاللهعليهوسلم أتعب يده برمى التراب فى وجوه الكفار فأكرمه الله بانشقاق القمر بإشارته ، ونبع الماء من بين أصابعه.
فالمؤمن الذى يكرم يده بمدها فى الطاعة أفتراه لا يكرمها الله بأخذ كتابه
__________________
(١) طه : ٢٢