خسفت بهم ، وأمطرت عليهم الحجارة ، ومسختهم قردة وخنازير ، فما ذا تصنع بأمتى؟ فقال : يا محمد ؛ أصبّ على أمتك الرحمة من أعنان السماء ، وأبدل سيئاتهم حسنات ، ولو أنى أحب العتاب ما حاسبت أمّتك». فلما أراد الانصراف من عنده قال : «إلهى ، لكل راجع من سفره تحفة ، فما تحفة أمتى؟» قال : رحمتى لهم ما عاشوا ، وبشراى لهم إذا ماتوا ، وفسحتى لهم إذا قبروا ، وكرامتى لهم إذا بعثوا ، وحبّى لهم إذا حضروا ، ورؤيتى لهم إذا زاروا.
وفى الحديث : «إن الشيطان ينادى يوم القيامة أين أحبّائي وأهل طاعتى من أمّة محمد؟ فينادى الجبار جل جلاله : كذبت يا لعين ، أنت للنار وهم للجبّار».
(مِنْ أَهْلِها (١)) : الضمير لامرأة العزيز ؛ يعنى أن الصبى الذى شهد ليوسف كان من أهلها ؛ لأنه أوثق للحجة وأحسن فى براءة يوسف. وهذا الصبى هو أحد الأربعة الذين تكلّموا فى المهد ، وبرّءوا أصحابهم مما رموهم به.
افترى الله شهد لك بالإيمان وخاطبك به فى القرآن ، أفتراه يضيّعك بعد شهادته لك؟
فإن قلت : هل سمعت زليخا هذه الشهادة من الصبى؟
فالجواب أنها لم تسمعه لاستيلاء الشهوة عليها ، فأصمّ سمعها وبصرها ؛ ولذلك قال صلىاللهعليهوسلم : حبّك الشيء يعمى ويصم.
(مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٢)) : هذا من قول الفتيان ليوسف ، يعنى إنّا رأيناك من المحسنين إلى أهل السجن فى عيادة مرضاهم ، وتعبير رؤياهم ، وقضاء حوائجهم ؛ فالإحسان أورث يوسف محبة أهل السجن فيه.
__________________
(١) يوسف : ٢٦
(٢) يوسف : ٣٦