وأجاب بعض الفضلاء بأنّ لو الأولى فى قوّة لو لا التسبيح لثبت اللبث ، والثانية فى قوة لو انتفت النعمة لنبذ ، ولما كان الواقع من مراد الله تعالى أنّ التسبيح ثابت كان انتفاؤه محالا ، والواقع أيضا أن النعمة ثابتة فانتفاؤها محال ، ولما كان ملزوم الشرطين محالا لا جرم ترتب عليه محال ؛ ونظّروه بقوله تعالى (١) : (وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ) ؛ أى لا استؤصلوا ، ((٢) وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلاً ، وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ). وهذه تقتضى عدم الهلاك ، وإن أنزل الملك ؛ ولما كان جعل الملك على الوجه الذى طلبوه رسولا محالا لما سبق فى علمه لا جرم ترتّب عليه المحال ، والحقّ الواضح الذى لا تكلف فيه أن الآية الثانية إنما نفت النبذ المقيّد بكونه مذموما ، والنفى المقيد لا يستلزم نفى المطلق ؛ فلا يلزم نفى النبذ على وجه الإكرام ؛ وبه ينبغى الجواب عن آيتى الأنعام ؛ فإن الإهلاك الذى كنى عنه بقضاء الأمر إنما رتّب على إنزال الملك على صورته لا على صورة الرجل ، واللبس عليهم ؛ والذى يستلزم بقاءهم هو إنزاله على صفة الرجل ، أو يقال نلبس عليهم الأمر ، ثم نهالك.
(مُغْتَسَلٌ (٣)) وغسول : الماء الذى يغتسل به ، والموضع الذى يغتسل فيه أيضا.
وروى أنّ أيوب ضرب الأرض مرتين فنبع له عينان ، فاغتسل من أحدهما ، وشرب من الأخرى.
(مُقْتَحِمٌ (٤)) : أى داخل فى زحام وشدّة ؛ وهذا من كلام خزنة النار ، خاطبوا به رؤساء الكفار الذين دخلوا النار أولا ، ثم دخل بعدهم أتباعهم ، وهم الفوج المشار إليه.
__________________
(١) الأنعام : ٨
(٢) الأنعام : ٩
(٣) ص : ٤٢
(٤) ص : ٥٩