وكذلك بيت المقدس لما خرّبه بخت نصّر استغاث بالله ، فأراه الله نبينا صلىاللهعليهوسلم ليلة الإسراء ؛ وهذه هى الحكمة فى إسرائه من بيت المقدس.
ولما أوحى الله إلى البحر أن ينفلق لفرعون حتى يدخل فيه استغاث ، فدخل فيه موسى أمامه.
وكذلك النار لما علمت أنها دار أعدائه سألته أن يريها أحبّاءه ، فأدخل المؤمنين النار لتتسلّى برؤية الأحبّاء عن رؤية الأعداء ؛ قال تعالى (١) : (وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها) ؛ والمقصود بورودهم إجابة دعوة النار لا الإحراق ؛ قال تعالى (٢) : (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيها جِثِيًّا).
واعلم أنّ الله تعالى ابتلى تسعة من الأنبياء فوجدوا تسعة أشياء : ابتلى آدم بوسوسة الشيطان فوجد التوبة ، وإبراهيم بالنار فوجد الخلّة ، وإسماعيل بالذبح فوجد الفداء ، ويعقوب بالشدّة والقحط فوجد [الفرج ، والملك](٣) ، ويوسف بالسجن فوجد الصديقية ، وأيوب بالبلاء فوجد الصبر ، ويونس بالحوت فوجد النجاة ، ونبينا محمد صلىاللهعليهوسلم باليتم فوجد العزّة ؛ قال تعالى (٤) : (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) ، وسليمان ابتلاه الله نزول الملك فوجد الإنابة. وسبب زوال ملكه أنه نظر إليه فابتلاه الله بإلقاء الجسد على كرسيه وإلى ملئه وقوّته فابتلاه بآصف ، وإلى سياسته فابتلاه بالهدهد ؛ فقال (٥) : (أَحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ) ؛ وإلى جنوده فابتلاه بنملة قالت له تنظر إلى جنودك ولو عرضت عليك جنودى سنة لم يفرغوا ؛ فإياك والنظر إلى غيره سبحانه ، فتبتلى ؛ لأنّ من عادته سبحانه أنّ من أحبّ شيئا ابتلى بفراقه ؛ فإن رجع إلى الله ردّه الله عليه ؛ كسليمان
__________________
(١) مريم : ٧١
(٢) مريم : ٧٢
(٣) مكان ما بين القوسين بياض بالأصلين.
(٤) النجم : ٩
(٥) النمل : ٢٢