وقيل : لا تخافوا يأهل الملالة ، ولا تحزنوا يأهل الندامة ، وأبشروا يأهل الكرامة.
وقيل : لا تخافوا أيها المريدون ، ولا تحزنوا أيها الصديقون ، وأبشروا أيها المتقون.
وقيل غير ذلك من الأقاويل ، كلّها لمن قال : ربّنا الله ثم استقاموا.
فإن قلت : شرط مع هذه الكلمة الاستقامة وأنى لنبلها؟
فالجواب أن «ثم» على ثلاثة أوجه :
للتقديم ؛ ((١) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا).
وللتقرير ؛ ((٢) ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا).
وللترديف ؛ وقد قدّمناها فى حرف الثاء.
وأما الاستقامة فأقرب ما قيل فيها : استقاموا على طريق الهداية والسنّة ، ولا يقدح الميل عنها ومخالفتها من استغفر وأناب ؛ رزقنا الله التوبة والإنابة.
(مُنْقَلِبُونَ (٣)) : هذا من قول السّحرة ، وذلك أن الله تعالى قال له : «يا موسى : إنّ السحرة ألقوا (حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ) فرأيت منهم السحر العظيم ؛ فألق عصاك حتى تنظر إلى قدرة الرب الكريم ؛ (فَأَلْقى عَصاهُ فَإِذا هِيَ ثُعْبانٌ مُبِينٌ) ، فتلقّف سحر السحرة كله ، فقصد نحو الكفار فاتحا فاه ، فنفر الكفّار من كل جانب ، ومات منهم ما لا يحصى عددهم ، ثم قصد نحو سرير فرعون ؛ فلما دنا منه
__________________
(١) مريم : ٧٠
(٢) البلد : ١٧
(٣) الأعراف : ١٢٥