وكذلك المؤمن فى حال النّزع يرى ملك الموت يقبض روحه ، ويرى إبليس يقصد إيمانه فيخاف ويحزن ، فينزل الله الملائكة يبشّرونه بقولهم : لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التى كنتم توعدون.
يا محمدى ، هذه الآية الشريفة التى أنزلها الله تعالى على نبيك ؛ فلك فيها من البشارة ما لا تحصيه العبارة. وقد قيل فيها من الأقوال فى الاستقامة والبشارة نحو الخمسين قولا ، وقد قال هذه الكلمة المشرفة أربعة نفر ؛ أولهم فرعون قالها اضطرارا ، فأخذه الله نكال الآخرة والأولى.
وقالها المنافق استكبارا فأورثته الدّرك الأسفل. وقالها قوم يونس افتقارا فأورثتهم الأمان. وقالها العارف افتخارا فأورثته البشارة والأمن من الخوف.
وأعظم من ذلك نزول الملائكة عليه ؛ فسبحان من شرف هذه الأمة الكريمة بخدمة الملائكة لهم ؛ منهم من يستغفر لهم ، ومنهم من يحفظ أرزاقهم وأنفسهم ، ومنهم من يسوق إليهم الرياح والأمطار ، ومنهم من يقبض أرواح الأبرار والفجار.
فإن قلت : هل الخوف والحزن بمعنى؟
فالجواب أن الناس اختلفوا فى الخوف والحزن على ثلاثين قولا أو أكثر ؛ فقال جعفر الصادق :
لا تخافوا من عزل الولاية ، ولا تحزنوا من كثرة الجناية ، وأبشروا بفضل العناية.
وقيل : لا تخافوا من الجحيم ، ولا تحزنوا من فوت النعيم ، وأبشروا برؤية الكريم.