الحيوان. ألا ترى قوله : يحيى الأرض بعد موتها. وذكر هذا عقب قوله : ومخرج الميت من الحى لأنه معطوف على قوله فالق الحب والنّوى كما تقدم (١) ، وهذا من حسناته.
(مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ (٢)) : يحتمل أن يكون الاشتباه فى الأوراق أو فى الثمر ، ويتباين فى الطعم ، ويحتمل أن يكون الاشتباه فى الطعم وتتباين فى المنظر. وهذه الأحوال موجودة بالاعتبار فى أنواع الثمرات. وأمر الله بالنظر إلى أول ما يخرج ضعيفا لا منفعة فيه ، ثم ينقل من حال إلى حال حتى يتميّع أو ينضج أى يطيب.
فإن قلت : هل لقوله هنا : (مُشْتَبِهاً) معنى غير معنى الآية فى قوله : (مُتَشابِهاً)؟
فالجواب : لا فرق بينهما إلا ما لا يعدّ فارقا ؛ إذ الافتعال والتفاعل متقاربان ، أصولهما الشين والباء. والهاء ، من قولك : أشبه هذا هذا إذا قاربه.
ومثاله ورد فى هذه الآية على أخفّ التباين ، وفى الثانية على أثقلهما رعيا للترتيب المتقرر ، وقد مر نحو هذا فى قوله تعالى (٣) : (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ) فى البقرة. وقوله فى طه (٤) : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ).
وأما سرّ ختم كلّ واحدة بما يليق بها فلسنا نطيل بذكره ، ولو تكلمت على سر كل آية وما يليق بها لطال بنا الكتاب ، وحارت بالتأمل فيه الألباب ؛ نفعنا الله بهذا القرآن العظيم دينا ودنيا.
(مستقر وَمُسْتَوْدَعٌ (٥)) : يعنى الولد فى صلب الأب ، وفى رحم الأم.
__________________
(١) فى الكشاف : فإن قلت : كيف قال مخرج الميت من الحى بلفظ اسم الفاعل بعد قوله : يخرج الحى من الميت؟ قلت : عطفه على فالق الحب والنوى لا على الفعل.
(٢) الانعام : ٩٩
(٣) البقرة : ٣٨
(٤) طه : ١٢٣
(٥) الانعام : ٩٨