حرّفوا وبدّلوا. ويحتمل أن يكون المعنى ما أمروا فى القرآن إلا بعبادة الله ، فلأى شىء ينكرونه ويكفرون به؟
(من يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (١)) : المثقال : هو الوزن. والذرة : النملة الصغيرة. والرؤية هنا ليست برؤية بصر ؛ وإنما هى عبارة عن الجزاء. وذكر الله مثقال الذرة تنبيها على ما هو أكثر منه من طريق الأولى ؛ كأنه قال : من يعمل قليلا أو كثيرا. وهذه الآية هى فى المؤمنين ؛ لأن الكافر لا يجازى فى الآخرة على حسناته ؛ إذ لم تقبل منه. واستدل أهل السنة بهذه الآية على أنه لا يخلّد مؤمن فى النار ؛ لأنه لو خلّد لم ير ثوابا على إيمانه ، وعلى ما عمل من الحسنات.
وروى عن عائشة أنها تصدقت بحبّة عنب ، فقيل لها فى ذلك ؛ فقالت : كم فيها من مثقال ذرة. وسمع رجل هذه الآية عند النبى صلىاللهعليهوسلم فقال : حسبى ، لا أبالى ألّا أسمع غيرها.
(مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٢)) : هذا على عمومه فى حق الكفار. وأما المؤمنون فلا يجزون بذنوبهم إلا بستّة شروط : وهى أن تكون ذنوبهم كبائر. وأن يموتوا قبل التوبة منها. وألا تكون لهم حسنات أرجح فى الميزان منها. وألّا يشفع فيهم. وألّا يكونوا ممن استحق المغفرة بعمل كأهل بدر ؛ للحديث : لعل الله اطّلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم. وألّا يعفو الله عنهم ؛ فإن المؤمن العاصى فى مشيئة الله إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له.
__________________
(١) الزلزلة : ٧
(٢) الزلزلة : ٨